كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

113…
إذا اللَّهُ جازى أهلَ لؤمٍ بذلّةٍ فجازى بني العجلان رَهُط ابن مُقْبلِ
فقال عمر: إن كان مظلوماً استُجيب له، وإن لم يكن مظلوماً، لم يستجيب له، قالوا: وقد قال أيضاً:
قُبَيلةٌ لا يغُدرون بذمّةً ولا يظلمون الناسَ حبّة خرّدَلِ
فقال: عمر ليت آل الخطاب كذلك.
قالوا: فإنه قال: ولا يردون الماءَ إلا عشيّةً إذا صَدَر الوُرّاد عن كلِّ مَنْهَلٍ
فقال عمر: ذلك أقلُّ للزحام. قالوا: فإنه قال:
تعافُ الكلابُ الضارياتُ لحومَهم وتأكل من كعْب بن عوفٍ ونَهْشَل
فقال عمر: يكفي ضياعاً مَنْ تأكلُ الكلابُ لحمَه. قالوا: فإنه قال:
وما سُمّي العَجْلانُ إلا لقولهم خُذْ القَعْبَ واحلبْ أيها العَبْدُ واعْجل
فقال عمر: كلّنا عَبْدٌ، وخيرُ القوم خادمهم. قال تميم فسلْه يا أمير المؤمنين عن قوله:
أولئك أولاد اللئيم وأُسْوةُ الـ ـهجين وَرَهْطُ العاجز المُتَذلّلِ
.. فقال عمر: أما هذا، فلا أعذرك عليه، فحبسه، وقيل: جَلَدَهُ.
قال الحصري في زهر الآدب: وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ أعلم الناس بما في هذا الشعر، ولكنه أراد أن يدرأ الحدود بالشبهات.
أما القصة الثانية، فهي قصة الحطيئة والزِّبرقان بن بدر: حيث نقل أهل الأخبار أن النبيَّ ص ولّى الزبرقان بن بدر صدقات بني تميم، ثم أقرَّه أبو بكر على علمه، ثم قدم على عُمر بصدقات قومه، فلقيه الحطيئة الشاعر في الطريق، ومعه أهله، فعرفه الزبرقان، فقال: أين تريد؟ قال: العراق لأصادف مَنْ يكفيني…

الصفحة 113