كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

12…
على نجران وأسلم عام الفتح. واستعمل أبان بن سعيد بن العاص بن أمية على البحرين، وكان قد أسلم أيام خيبر ... واستعمل عمرو بن العاص على سرية ذات السلاسل وكان قد تأخره إسلامه .. ويبدو أن رسول الله كان يلاحظ فيمن يوليه الكفاءَة الإدارية، مع تزويده بقسط وافر من الفقه الذي يوجه تصرفاته .. أما الإمامة الكبرى: وهي الخلافة، فلم يتركها رسول الله، لاجتهاد المسلمين، ولكنه نصَّ على الجهة التي تتولاها، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحدٌ إلا كبّه اللَّهُ على وجهه، ما أقاموا الدين " وقال عليه السلام: "لا يزال هذا الأمر في قريش، ما بقي منهم اثنان ".
وروي قول النبي ص: "الأئمة من قريش" [انظر: الفتح 13/ 114].
قال ابن حجر رحمه الله: "وقد جمعتُ طرقه عن نحو أربعين صحابياً، لما بلغني أنَّ بعض فضلاء العصر ذكر أنه لم يُرْوَ إلا عن أبي بكر الصديق". [الفتح 32/ 7].
واشتراط "القرشية" في الإمام، لم يكن للوراثة، كما ظنَّ مَنْ شايع بني هاشم وحاجج لحقّهم في الخلافة، حيث يقول الكميت مخاطباً الأمويين: يقولون لم يُورثُ ولولا تُراثُه لقد شركت فيه بكيلٌ وأرحبُ ... ولو كان الأمر بالوراثة لخصَّ الرسول عليه السلام بني هاشم من قريش .. ولكن الحكمة من جعل الإمام من قريش، ذكرها الحديث النبويُّ الصحيح.
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الناسُ تَبَعٌ لِقُريشٍ في هذا الشأن، مسلمهم تَبَعٌ لمسلمهم، وكافرهم تَبَعٌ لكافرهم". [البخاري ك 61 باب 1].
قال ابن حجر: "وقد وقع مصداقُ ذلك، لأن العرب كانت تعظّم قريشاً في الجاهلية يسكناها الحرم، فلما بُعثَ النبيُّ ص ودعا إلى الله، توقف غالب العرب عن اتباعه، وقالوا: ننظر ما يصنع قومُه، فلما فتح النبيُّ ص مكة وأسلمت قريش، تبعتهم العرب، ودخلوا في دين الله أفواجا ً، واستمرت خلافة النبوّة في…

الصفحة 12