كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
122…
التقيّ النقيّ المجاهد .. لأن الشعر الذي ينسبه إليه ابن شبّة في " تاريخ المدينة " يقدمُ لنا رجلاً غزلاً عاشقاً، صاحب مغامرات مع فتيات المدينة .. فهو عندما يتشوق إلى المدينة، لا يذكر منازلها ومعالمها، وحرمها ومسجدها .. وإنما يقول [284/ 1].
ولما أَنْ دنا منّا ارتحالٌ وقُرِّبَ ناجيات السَّيْر كُومُ
تحاسر واضحاتُ اللون زُهرٌ على ديباج أوْجهها النعيمُ
وقائلةٍ ومُثْنيةٍ علينا تقُولُ وما لها فيناحميمُ
متى تَسرَ غفلةَ الواشين عنها تَجُدْ بدموعها العَيْنُ السَّجُومُ
تَعُدُّ لنا الشهورَ وتحتصيها متى هو حائن منه القدومُ
فكم مِنْ حُرَّةٍ بين المُنقَّى إلى أُحُد ٍ إلى ما جاز ريمُ
إلى الجمّاءِ من خدٍّ أسيلٍ نقيِّ اللون ليس به كُلُومُ
... فمثل هذا الشعر، لا يقوله الرجلُ في زوجه وأهله، وإنما يتشوق فيه إلى غواني الخيال.
(ط) تختلف الروايات في عاقبة جَعْدة: فرواية ابن سعد، وابن شبة تقول: إنَّ عمر جلده مائةً معقولاً، ونهاه أن يدخل على امرأة مغيبة: ولم نعرف مبررات هذا الجَلْد: أكان حدَّ الزنى، أم كان تعزيراً.
وهل يُجْلَدُ في التعزير مائةً؟ ولماذا جُلِدَ جعدةُ، ولم يُذْكَرُ ماذا كان للجواري؟.
وقوله: " ونهاه أن يدخل على امرأة مغيبة " مَنْ المغيبة؟ هي التي غاب زوجُها، وهل يباحُ له الدخول على غير المَغيبة؟.
وأما الرواية الباقية، فتقول: إنه نفاه إلى الشام، وتقول مرة ثانية نفاه إلى " عُمَان " أو " عمّان ".
ثم أذن له في العود إلى ضواحي المدينة ثم سمح له أنْ يدخل المدينة في كلّ جمعة مرة ثم مرتين.
…