كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
123…
(ي) قال ابن حجر: بعد أن ذكر القصة: " والقصة مشهورة، وقد رُويت لغيره، فاللَّهُ أعلم ".
وهذا يدل على أن ابن حجر ذكر القصة لشهرتها لا لصحتها، فكأنه يعتذر من إيرادها.
(ك) يُفهم من سياق روايتي ابن شبة وابن سَعْد، أن بُقيلة، لم يكتب إلى عُمَر وإنما عرف ذلك مصادفة؛ لأن ابن شبة يقول: قدم على عمر رجلٌ من بعض تلك الفروع، فنثر كنانته فإذا صحيفةٌ فيها ...
ويقول ابن سَعْد: إنَّ بُرَيْداً قدم على عمر فنثر كنانته فبدرت صحيفة فأخذها فقَرأها .. الخ فقوله: " إنَّ بُرَيداً " بصيغة التصغير، يُظَنُّ أنه رجل اسمه كذلك، ولا يريد " البريد " الذي يحمل الرسائل ...
(ل) إن بطل القصة " جَعْدة السُّلمي " ولعلهم أخذوا الاسم من الشّعْر حيث يقول: " يعقلهنَّ جَعْدةُ من سليم " ولكني أظنُّ أن "جَعْدة " هنا وصفٌ وليس علماً .. ومن معاني " جَعْدة " شجرة تنبت في شعاب الجبال وقيل: تنبت في القيعان وكُنية الذئب أبو جَعْدة .. ويقوّي هذا الظنّ رواية " لسان العرب" للبيت:
يعقّلهنَّ جعدةُ من سُلَيْم غَوِيٌّ يبتغي سَقَط العذارى
فقوله: " غويٌّ " بالتنكير والرفع، أحسبُ أنه صفةٌ لجعدة، أو أنه صفة ثانية، ولو كان " جعدةٌ " علماً ما احتاج إلى الوصف فنحن إذا قلنا: جاء محمدٌ كريمٌ، "محمدٌ" هنا نكرة وليس معرفة، نريد محمداً من جنس المحمدين، ولا نريد محمداً معيناً.
أما كونه لم ينوّن " جعدة " وعدم التنوين يجعله معرفة .. فيُجاب عنه أنه فعل ذلك لضرورة الوزن.
ويقوّي التنكير أيضاً، أنه قال: " من سُليمٍ " ولم يقل "ابن سليم" وقد تكرر لفظ " جَعْدَة" في رواية ابن منظور لبيت أخير وهو: " يعقّلهْنَّ أبيضُ شيظميٌّ " ...
حيث رواه ابن منظور " يُعقِّلهنَّ جَعْدٌ شيظميٌّ ".
…