كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

15…نحن الأمراء وأنتم الوزراء .. وكان كلام طويل كاد أن يؤدي إلى فتنة، فلما قال لهم أبو بكر "لن يُعرف هذا الأمرُ إلا لهذا الحيّ من قريش".
وذكرهم بقول رسول الله "الأئمة من قريش".
رجعوا عن ذلك وأذعنوا وبايعوا ل أبي بكر الصديق. [انظر تفصيل هذا الخبر في البخاري: كتاب فضائل الصحابة باب 5 وكتاب الحدود باب 31].
5 - أما مَنْ يكونً الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هناك نصٌّ صريح على شخصٍ معيَن، وليس هناك خبر صحيح عن نيّة رسول الله، بتعيين الخليفة الذي يأتي بعده .. إلا ما روى البخاري عن عبد الله بن عباس قال: " لنا اشتدَّ بالنبي ص وَجَعُه قال: ائتوني بكتابٍ أكتبْ إليكم كتاباً لا تضلوا بعده، قال عمر: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتابُ الله، حسبُنا، فاختلفوا وكثر اللَّغظ، قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع " [كتاب العلم ـ باب كتابة العلم].
قال ابن حجر: واختلفوا في المراد بالكتاب، فقيل: كان أراد أن يكتب كتاباً ينصُّ فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف.
وقيل: بل أراد أن ينصَّ على أسامي الخلفاء بَعْده حتى لا يقع بينهم الاختلاف.
ويؤيّد هذا التفسير قول رسول الله في مرضه وهو عند عائشة "ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً، فإني أخاف أن يتمنّى متمنٍ ويقول قائل: ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" [أخرجه مسلم، ونقله في الفتح عنه] .. ومع ذلك فلم يكتب قال: والأول: أظهرُ، لقول عمر: "كتاب الله حسْبُنا" أي: كافينا، مع أنه يشمل الوجه الثاني، لأنه بعضُ أفراده .. قال القرطبي في "المفهم" لو كان عند أحد من المهاجرين والأنصار نصٌّ من النبي صلى الله عليه وسلم على تعيين أحدٍ بعينه للخلافة، لما اختلفوا في ذلك يوم السقيفة، ولا تفاوضوا فيه.
فقول الأنصار، يوم السقيفة "منا أمير ومنكم أمير" يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، ذلك أنهم قالوا ذلك في مقام مَنْ لا يخاف شيئاً ولا يتقيه.

الصفحة 15