كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

19…عنده ويضع يده في يده، بل يكفي التزام طاعته والانقياد له بأن لا يخالفه ولا يشق العصا عليه , وهذا كان حال عليّ، لم يقع منه إلا التأخر عن الحضور عند أبي بكر.
وقيل إن علياً تأخر عن أبي بكر في مدة حياة فاطمة لشغله بها وتمريضها وتسليتها عمّا هي فيه من الحزن على أبيها، ولأنها لما غضبت من ردّ أبي بكر عليها، فيما سألته من الميراث، رأى عليٌّ أن يوافقها في الانقطاع عنه.
قال القرطبي: ومن تأمل ما دار بين أبي بكر وعليّ من المعاتبة ومن الاعتذار وما تضمن ذلك من الإنصاف، عرف أن بعضهم كان يعترف بفضل الآخر، وأن قلوبهم كانت متفقة على الاحترام والمحبة، وإن كان الطبع البشري قد يغلب أحياناً، ولكن الديانة تردُّ ذلك. [الفتح 495/ 7].
(ب) بَعْثُ أسامة بن زيد:
كانت آخرُ سريّة جهزها رسول الله، سريةَ أُسامة بن زيد، وكان رسول الله عَقَد لأسامة لواءٌ بيده، وعسكر أُسامةُ بالجيش في الجرف ـ في طرف المدينة الشمالي، في الطريق إلى الشام ـ وكان معه كبار المهاجرين والأنصار .. وقبل أن ينطلق الجيش، بدأ المرض برسول الله .. وجاءَت الوفاةُ، والجيش في الجُرف، فعادوا إلى المدينة .. وكانت آخر وصية رسول الله أن " أنفذوا بَعْثَ أُسامة " .. فكان أول جيش جهزه أبو بكر بعد استخلافه .. وسار فيه مَنْ كان من المهاجرين والأنصار، إلا عمر بن الخطاب، فإن أبا بكر استأذن أسامه أن يُبقي َ عُمَر بجانبه، فأذن له .. فسار أُسامة نحو البلقاء ـ منطقة عمّان ـ وكان رسول الله قد أوصاه أن يغيْر على أُبنى .. وهي محطة خان الزيب ـ في جنوب عمّان، ورجع أُسامة منتصراً غانماً، واستقبله أبو بكر في أهل المدينة فرحاً بعودته .. [انظر تفصيل القصة في طبقات ابن سعد 189/ 2]. [والفتح 152/ 8].

الصفحة 19