كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

23…ما خرج مثلُ هؤلاءِ من عندهم، ولكن ندعهم حتى يَلقَوا الروم، فلقوهم، فهَزموهم وقتلوهم، ورجعوا سالمين، فثبتوا على الإسلام ".
وبهذا ظهرت حكمة الاقتداء برسول الله وتنفيذ ما أمر به، وهمَّ أن يفعله، .. فالرسول عليه السلام، يُوحى إليه فظهرت حكمة الوحي، بعد الوفاة، حيث ظهر أثر مرور جيش أسامة في العرب، فسَلِمَ شمال الجزيرة ـ طريق الشام ـ من الرَّدّة.
(د) جيوش الفتح:
قال ابن كثير في "البداية والنهاية": فلما فرغ الصديق من أمر جزيرة العرب بسط يمينه إلى العراق، فبعث إليها خالد بن الوليد.
وكانت بدايات فتح العراق، مع الخيوط الأولى للعام الثاني عشر، حيث توجّه إليها خالد بن الوليد، بعد أنْ قضى على رأس المرتدين مسيلمة الكذاب .. وتتابعت انتصاراته في العراق , يحرّرُ إقليماً، إقليماً من أيدي الفرس، حيث كان العراق عربيّ الأرض، عربي السكّان، وإنما احتله الفرسُ، ووضعوا فيه أتباعهم من العرب؛ ليكون عمقاً حامياً ديار الفرس من الزحف العربي في الجاهلية.
واستهلت سنة ثلاث عشرة من الهجرة، والصديق عازمُ على جمع الجنود ليبعثهم إلى الشام، وذلك بعد مرجعه من حجّ سنة 12 هـ .. قال ابن كثير: " إنما جيّش أبو بكر الجيوش لفتح الشام: عملاً بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة * واعلموا أن الله مع المتقين) وبقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر .. ) الآية واقتداءً برسول الله، فإنه جمع المسلمين لغزو الشام، وذلك عام تبوك حتى وصلها في حرّ شديد وجهد .. ثم بعث قِبَلَ مؤتةَ أُسامة بن زيد مولاه ليغزو تخوم الشام ".
ولم يذكر ابن كثير غزوة مؤتة في السنة الثامنة، قَبْل تبوك، وهي في أرض الأردن من ديار الشام .. وكان رسول الله قد حرّر قبل ذلك خيبر سنة سبع وهي في طريق الشام وفي سنة ثمان ذهب عمرو بن العاص في سريّة إلى ذات…

الصفحة 23