كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
257…
قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " .. اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران". وفي رواية أُخرى: "اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة .. ". وروى أيضاً، قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِم من فتنة الدجّال" .. ولكن لم ترد أحاديث صحيحة مرفوعة في أسماء السور كلّها، والظاهر أنَّ أسماء كثير من السور، كان من عمل الصحابة رضوان الله عليهم، مقتدين بالسنة النبوية، حيث نُقِلَتْ أحاديث صحيحة من لفظ النبيّ صلى الله عليه وسلم، بتسمية بعض السور، كما روينا سابقاً عن البخاري ومسلم .. ولهذا قد تتعدد أسماء سور من القرآن، كما في سورة "الإسراء" فقد تسمى "سورة بني إسرائيل" وسورة "سبحان"، وسورة "تبارك" قد تسمى سورة "الملك" .. الخ وقد كره بعضهم أن يقال "سورة كذا" واعتمدوا على حديث رواه الطبراني والبيهقي عن أنس مرفوعاً "لا تقولوا سورة اليقرة، ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء، وكذا القرآن كله، ولكن قولوا: السورة التي تُذْكر فيها البقرة والتي تذكر فيها آل عمران .. " قال ابن حجر في [الفتح 66/ 9] وفي سند عبيس بن ميمون العطار، وهو ضعيف.
وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" ونقل عن أحمد أنه قال: "هو حديث منكر " ... والحقُّ أنه يجوز القول "سورة البقرة .. الخ" للأحاديث الصحيحة من لفظ النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد بوّب البخاري في كتاب "فضائل القرآن" باب "مَنْ لم ير بأساً أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا .. " وذكر الشواهد.
وأما ترتيب السُّوَر في المصحف: فالذي يظهر أنه من عمل الصحابة. قال ابن حجر في [الفتح 40/ 9] وكان ابن مسعود لما حضر مصحف عثمان ـ إلى الكوفة ـ لم يوافقْ على الرجوع عن قراءَته ولا على إعدام مصحفه، وكان تأليف مصحفه مغايراً لتأليف مصحف عثمان ـ أي ترتيب سوره ـ. ونقل عن ابن بطّال قوله: "لا نَعْلَمُ أحداً قال بوجوب ترتيب السور في القراءَة، لا داخل الصلاة ولا خارجها، بل يجوز أن يقرأ الكهف قبل البقرة، والحج مثل الكهف وأما ما جاء…