كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
265…
وبني سليم الذين جازوا إلى بلاد المغرب. وهذا نص كلامه في المقدمة " ص 131 ": " وأفريقية والمغرب لمّا جاز إليها بنو هلال وبنو سليم منذ أول المائة الخامسة، وتمرسوا بها لثلثمائة وخمسين من السنين قد لحق بها (كذا) وعادت بسائطه خراباً، كلُّها، بعد أن كان ما بين السودان والبحر الرومي كلُّه عمراناً " أرأيت، كيف يتخذ من بني سليم وبني هلال في القرن الخامس شاهداً لحال العرب في شتى العصور والأقاليم؟ مع أن حال بني سليم في القرن الخامس، لا يمثل بني سليم في القرون الإسلامية السابقة، فكيف يجعل من بني سليم مثلاً لحال العرب بعامة؟
والمعروف أن بني سُليم، مرت في الإسلام، بمرحلتين متناقضتين مختلفتين شديد الاختلاف:
المرحلة الأولى: وكانت لهم فيها مناقب يفخرون بها، ومن مفاخر بني سليم: أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ولادات كثيرة، وفي الحديث أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " أنا ابن العواتك من سليم " [عن ابن دريد في كتاب الاشتقاق ص 482]. لأن أم هاشم، عاتكة بنت مرّة، إحدى بني سليم.
ومن مفاخرهم أن رسول الله قدّم لواءَهم يوم الفتح على جميع الألوية، وكان لهم لواءٌ أحمر.
ومنها أن عمر بن الخطاب كتب إلى مصر، والشام، والكوفة، والبصرة: أن ابعثوا إليَّ من كلِّ بلدٍ بأفضله رجلاً. فبعث أهل البصرة بمجاشع بن مسعود السُّلمي (صحابيّ).
وأهل الكوفة بعتبة بن فرقد السلمي (صحابي) وأهل الشام بأبي الأعور السلمي (صحابي) وأهل مصر بمعن بن يزيد السلمي (صحابيّ).
المرحلة الثانية: لما دبَّ الوهن في الدولة العباسية واستبدَّ الموالي من العجم عليهم، اعتزّت بنو سليم بالقفر، وأجلبت على الحاج، ونالته منهم معرّات، وتطاولت على الناس حول المدينة، وكانوا إذا وردوا سوقاً من أسواق…