كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
271…
القرآني لفظ " أَيْدٍ " فقد رسمت في قوله تعالى: (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب) [ص/17]. بياء واحدة. ورسمت في الذاريات بيائين، قال تعالى: (والسماء بنيناها بأيْيد وإنا لَموسعون) [الذاريات: 47].
ومن عجائبه كذلك لفظ " أيكم " فقد وردت خمس مرات، أربعاً بياء واحدة، وواحدة هكذا " أييكم " بيائين وهي التي في سورة القلم (فستبصر ويبصرون بأييكم المفتون). وارجع إلى [التوبة: 124، وهود:7، والنمل:38، والملك: 2].
(ز) وبهذا يبطل زَعْمُ الزاعمين، بأنَّ ما جاء في القرآن من الرسم على غير الرسم المتداول، كان بسبب جَهْل الصحابة بالخط وأصوله، لأن الجهل بالشيء يعمُّ ما كان متشابهاً، فلما وجدناه يأتي بصورتين، تأكدنا أن ذلك كان لهدف، قد نهتدي إليه اليوم وقد نهتدي إليه غداً، ويؤكد ذلك، أن الكاتب لمصحف عثمان كان واحداً، وهو زيد بن ثابت، ونسخ عن هذا المصحف، المصاحف التي أُرسلت إلى الأقاليم، فكانت موحدة في الرسم ...
أقول: ثم جاء الرسم الإملائي الذي وضعه علماءُ العربية في القرن الثاني .. والصحيح في التعبير عنه أن نقول: إن الرسم الإملائي الذي وضعه علماءُ العربية خالف ما عليه الرسم القرآني، ولا يقال: إن الرسم القرآني خالف الرسم الإملائي المتداول، لأن الرسم القرآني هو الأسبق، ومما يدلُّ على أن هذا الرسم محدث، السؤال الذي وجهه أحدهم إلى الإمام مالك " هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناسُ من الهجاء "؟ فقوله " ما أحدثه " فيه دليل على أنه لم يكن موجوداً في القرن الأول، فكيف يزعم الزاعمون أن الرسم القرآني خالف الرسم الإملائي العربي؟
وقد خطر عليَّ خاطرٌ، أن الذين وضعوا الهجاء الحديث، قصدوا أن لا يوافق الرسم القرآني في بعض النواحي، لتيقنهم أن الرسم القرآني يحمل من…