كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
273…
أولاً عيناً فلا مانع أن يحفر فيها عثمان بئراً، ولعل العين كانت تجري إلى بئر، فوسعها وطواها، فنُسِب حفرها إليه.
وفي قصة بئر رومة من الفوائد التاريخيّة ما يلي:
أولاُ: أنَّ عثمان بن عفّان، حُصر في بيته، ومُنع من الخروج إلى الصلاة في المسجد وفي رواية أنهم منعوا وصول روايا الماء إليه، وكانوا أرادوا منه أن يتخلّى عن الخلافة، فأبى، فكان ما كان مما عرضته في مكان سابق.
ثانياً: في رواية " البغوي " لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وفي رواية الترمذي: " أن رسول الله قدم المدينة وليس فيها ماءٌ يُستعذب غير بئر رومة " .. قد يشير هذان القولان إلى أن ماء المدينة كان يميل إلى الملوحة، فلم يستعذبه المهاجرون، وكان الأوس والخزرج يشربونه لاعتيادهم شرب هذا الماء .. وربما كان ذلك لاختلاف طعم الماء في مذاقهم، لأنهم لم يعتادوا، فصادف أن ماء بئر رومة يوافق طعم ماء مكة في مذاقه.
ثالثاً: شراء عثمان بئر رومة بخمسة وثلاثين ألف درهم، في بداية الهجرة يدلُّ على أن عثمان كان ذا ثراء واسع في مكة، فقد كان أبوه " عفّان " تاجراً وكان عثمان يعمل في التجارة في الجاهلية، ويظهر أنه لم يفقد ثروته بالهجرة.
رابعاً: تأريخ وجود " الوقف " وسبيل الماء في عهد كبار الصحابة.
فقد وقف عمر بن الخطاب نخلاً له في خيبر، ووقف أنسٌ داراً، فكان إذا قدم المدينة نزلها وتصدف الزبير بدوره .. [انظر كتاب الوصايا] في البخاري.
3 ـ أما "جيش العُسْرة " فقدكان في "غزوة العُسْرة" أوغزوة تبوك:
والعُسْرة: مأخوذ من قوله تعالى: (الذين اتبعوا ساعة العُسْرة) وفي حديث ابن عباس " قيل لعمر: حدثنا عن شأن ساعة العُسْرة، قال: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فأصابنا عطش ".
وعن معمر قال: خرجوا في قلةٍ من الظهر وفي حرٍّ شديد، حتى كانوا ينحرون البعير فيشربون ما في كرشه من الماء، فكان…