كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

28…الإذْخِر ". [البخاري - باب 27 من كتاب الجنائز].
قوله " لم يأكل من أجره شيئاً " قال ابن حجر: كناية عن الغنائم التي تناولها مَنْ أدرك زمن الفتوح، وكأن المراد بالآجر، ثمرته، فليس مقصوراً على أجره الآخرة.
ومصعب بن عمير، الذي استشهد في غزوة أُحد، ولم يجد ما يكفَّنُ به اتفق الرواة على أنه كان فتى مكة شباباً وجمالاً، وكان أبوه يحبّانه وكانت أمه مليئة كثيرة المال تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وأرقّه وكان أَعْطَرَ أهل مكة .. فبلغه أن رسول الله يدعو إلى الإسلام وأسلم فأخذه قومه وحبسوه ليرجع، فلم يرجع، وهاجر إلى الحبشة ثم عاد وكان أول معلم أرسله النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد العقبة الأولى .. فأسلمت على يديه عشرات من بيوت الأنصار.
ومات في أحدٍ، والمسلمون في كفافٍ من العيش، .. ثم كانت الفتوحات وكانت الغنائم التي هي ثمرة من ثمرات غرس مصعب بن عُمير في هجرتيه، وفي جهاده في بَدْرٍ وأحد ..... وخبّاب بن الأرت توفي سنة 37 هـ، وأرى غنائم الفتح ونال منها .. ولذلك قال: " لقد رأيتُني مع رسول الله ما أملك ديناراً ولا درْهماً، وإنْ في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين ألف وافٍ، ولقد خشيتُ أنْ تكون قد عُجْلتُ لنا طيباتُنا في حياتنا الدنيا ". [الطبقات جـ 3].
ومن عنايته بالأصول: وصيتُه بالمهاجرين الأوّلين، لأنهم الجنود الذين أسسوا الدولة مع رسول الله، ووصيتُه بالأنصار، لأنهم أول مَن ْ ناصروا رسول الله في أيام الإسلام العصيبة، ووصيته بأهل الأمصار، لأنهم عَوْنُ الإسلام الذي يدفع عنه، ويغيظون الأعداء بكثرتهم وقوتهم ... وأبلغ ما في وصيته بالأصول قوله: " وأوصيه بالأعراب خيْراً، فإنهم أصلُ العرب ومادة الإسلام ".
والأعراب: هم أهل البادية، أو العرب الذين يسكنون البوادي، وجعلهم…

الصفحة 28