كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
282…
وهذا كلام لا يصح:
1 ـ أما الإقطاع، فقد بوّب البخاري " باب القطائع " من كتاب "المساقاة " وروى عن أنس قال: " أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقْطع من البحرين، فقالت الأنصار حتى تُقطع لإخواننا من المهاجرين .. الحديث ". وبوّب بعده باب " كتابة القطائع " وروى الحديث في الباب. وأقطع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلال بن الحارث المزني وادي العقيق، وفي زمن عمر أخذ منه ما لم يزرعه، وأقطعه الناس [انظر كتابنا أخبار الوادي المبارك] وروى البخاري في باب " الخمس " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم " أقطع الزبير أرضاً من أموال بني النضير " يعني بعد إجلائهم. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع تميماً الداري بلاد الخليل في فلسطين قبل فتحها فلما فتحت في عهد عمر، نجز ذلك لتميم، واستمرَّ في أيدي ذريته من ابنته رقيّة، وكان بيدهم كتابٌ من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك [انظر: كتابنا " تميم الداري "].
2 ـ وأما " الحمى " فلا يصحُّ أنه أول مَنْ حمى الحِمى: لما روى البخاري في باب " لا حمى إلا لله ولرسوله " من كتاب " المساقاة " أن الصعب بن جثامة قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا حمى إلا لله ولرسوله، وقال: بلغنا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، حمى النقيع، وأنَّ عمر حمى الشَّرف والرَّبذَة ". وإنما كانوا يحمون، لإبل الصدقة، والخيل التي يُجاهد عليها. وأما الحمى الخاص بالأمير، فلم يوجد في الإسلام. فإن كان يرد أن عثمان حمى الحمى لنفسه، فلا تصح فيه رواية وإنما هو من أقاويل الذين طعنوا في سياسة عثمان.
3 ـ ونقل السيوطي في تاريخ الخلفاء " أنَّ عثمان، أول مَنْ اتخذ صاحب شُرطة ". والشُّرطة: هم أعوان الأمير وحُرّاسه في وقت السلم، وصاحب الشرطة: كبيرهم.
فإنْ كان المقصود ـ في رواية السيوطي ـ المعنى الذي ذكرناه، فهو قول لا يصحُّ ولا وجود له في الواقع التاريخيّ. فكيف يكون لعثمان، صاحب شرطة،…