كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

283…
ولم يقوموا بحراسته والدفْع عنه أيام حصاره؟ والحقُّ أنه لم يوجد في المدينة ـ فجر الإسلام والعصر الراشدي ـ شرط، ولا جنود مجندون، بالصورة التي عُرفتْ فيما بَعْدُ. ولعلَّ أول مَنْ اتخذ شرطة، وصاحب شرطة: في المدينة مروان بن الحكم إبان إمارته على المدينة في خلافة معاوية ..
أما قبل العصر الأموي، فهناك إشارات وإلماحات إلى وجود بدايات تشبه ما كان للشرطة فيما بَعْدُ، وليس بمفهومها الاصطلاحي، وإليك هذا الموجز للمراحل السابقة عن العصر الأموي:
1 ـ قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) [سورة المائدة: الآية 67] أي: بلّغ أنت رسالتي، وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على أعدائك ومظفرك بهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، قبل نزول هذه الآية يُحرسُ. كما قال الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها، كانت تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلةٍ وهي إلى جنبه، قالت: " فقلتُ: ما شأنك يا رسول الله؟ قال: ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة " قالت: فبينا أنا على ذلك، إذْ سمعتُ صوت السلاح، فقال: مَنْ هذا؟ فقال: أنا سعد بن مالك. فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت لأحرسك يا رسول الله. قالت: فسمعتُ غطيط رسول الله في نومه.
وفي لفظ " سهر رسول الله ذات ليلةٍ مقدمه المدينة، يعني على أثر هجرته بعد دخوله بعائشة، رضي الله عنها، وكان ذلك سنة ثنتين من الهجرة ". وعن عائشة. " كان النبيُّ يحرسُ حتى نزلت هذه الآية، (والله يعصمك من الناس) قالت: فأخرج النبيُّ ص رأسه من القبّة، وقال: يا أيها الناسُ، انصرفوا، فقد عصمنا الله عزّ وجلّ ".
أقوال: ويظهر من الحديث، أن الحراسة كانت في المدينة، وليس في غزوة ولكننا لا نستطيع أن نقرر أن عمل الحراسة في القصة، كان بوظيفة شرطة، لأن…

الصفحة 283