كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
284…
رسول الله لم يعينْ أحداً لهذا العمل، وإنما كان عملاً تطوعياً. ثم إنَّ العهد النبوي، كان يشبه ما يسمى اليوم، زمن الطوارئ والاستنفار العام، وفي هذه الحال يقوم الجيش كلُّه بحراسة المدنية.
وقد كان الصحابة جميعاً، مجندين للجهاد في سبيل الله في داخل المدينة وخارجها وقلتُ: في داخل المدينة، لأن الأعداء ـ اليهود والمنافقين ـ كانوا يسكنون المدينة.
فهذا نعدُّه من نوع الحراسة الحربية، لأن المسلمين كانوا في حال حرب دائمة مع الأعداء.
2 ـ روى البخاري عن أنس [باب 12 من كتاب الأحكام] قال: إنَّ قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشُّرطة من الأمير.
وأنس بن مالك، ويروي القصة في العصر الأموي ولذلك فهو يشبّه ما مضى بما حَدَث بعده [قاله ابن حجر في الفتح 135/ 13] لأن صاحب الشرطة لم يكن موجوداً في العهد النبوي، وإنما حدث في دولة بني أُمية، فأراد أنس تقريب حال قيس بن سعد عند السامعين فشبّهه بما يعهدونه. وقيس بن سعد، ابن عبادة الأنصاري الخزرجي الذي كان والده رئيس الخزرج.
قال ابن حجر: وقد ترجم ابن حبّان لهذا الحديث " احتراز المصطفى من المشركين في مجلسه إذا دخلوا عليه " وهذا يدل على أنه فهم من الحديث أن ذلك وقع لقيس بن سعد على سبيل الوظيفة الراتبة. لكن يعكّر عليه، رواية الإسماعيلي: عن أنس " لما قدم النبيُّ ص، كان قيس بن سعد في مقدّمته، بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، فكلَّم سعدٌ النبيّ صلى الله عليه وسلم في قيس أن يصرفه من الموضع الذي وضعه فيه، مخافة أن يُقدم على شيء فَصَرفه عن ذلك ".
قال ابن حجر: فلم يقع ذلك لقيس بن سعد إلا في تلك المرّة، ولم يستقرَّ مع ذلك فيها.
3 ـ نقل ابن حجر في ترجمة أوس بن ثابت من الإصابة: " عن نافع، عن ابن عمر: قال: كانت غزوة بدر وأنا ابن ثلاث عشرة فلم أخرج، وكانت غزوة أُحد وأنا ابن أربع عشرة، فخرجتُ فلما رآني النبيُّ ص، استصغرني وردّني، وخلفني في حرس المدينة في نفر، منهم أوس بن ثابت، وأوس بن عرابة .. ".
…