كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

291…
سَنَواتُ الفِتْنَةِ (35 ـ 40 هـ)
1 ـ معنى " الفتنة ": قد يترجمون للحروب التي نشبت بين فريقين من المسلمين في القرن الأول بـ " الفنتة " فقالوا لما كان أيام عثمان بن عفان " فتنة " ولما كان أيام علي بن أبي طالب " الفتنة " وقالوا لما كان بين الأمويين وعبد الله ابن الزبير " أيام الفتنة ". ولا نكاد نجد هذا اللفظ " الفتنة " فيما كان من الحروب، بعد انقضاء عصر الصحابة. وربّما عنونوا بلفظ " الفتنة " لما كان من الصراعات المذهبية في القرون التالية. فقالوا: " محنة خلق القرآن " و " فتنة خلْق القرآن " والمحنة والفتنة متقاربتان في المعنى، كما سيأتي. فنا معنى الفتنة؟.
قال صاحب " اللسان " قال الأزهري وغيره: " جماعُ معنى الفتنة الإبتلاءُ والامتحانُ والاختبار، وأصلها مأخوذ من قولك: فتنتُ الفضّة والذهب، إذا أذبتهما بالنار لتميّز الرديء من الجيّد.
وقد تؤوّل جلُّ المعاني التي استخدمت فيها مادة " فتن " بالاختبار والابتلاء.
وقال ابن الأعرابي: الفتنة الاختبار. والفتنة: المِحْنة. والفتنة: المال والفتنة: الأولاد. والفتنة: الكُفْر. والفتنة: اختلاف الناس بالآراء. والفتنة: الإحراق بالنار.
وقال ابن سيده: الفنتةُ: الخبرة. وقوله عزّ وجل: (إنّا جعلناها فتنةً للظالمين) أي: خبرةً. ومعناه أنهم أُفْتنوا بشجرة الزّقوم وكذّبوا بكونها، وذلك أنهم لما سمعوا أنها تخرج في أصل الجحيم قالوا: الشجر يحترق في النار، فكيف ينبت الشجر في النار؟ فصارت فتنةً لهم.

الصفحة 291