كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
296…
وحكايته عن الإخباريين، والغالبُ عليهم الإكثار والتخليط " .. قال السخاوي: ويتأكد تجنُّبه إلا مع تأويله بحضرة مَنْ لا يفهم، كما قالوه في أحاديث الصفات وشبهها.
3 ـ اجتهادي في عرض القصّة:
(أ) هل حصلت قصة الجمل وصفين؟ الجواب: نعم، وقعتْ الحادثتان ولا، لم تقع الحادثتان .. وتفصيل الإيجاب والنفي كما يأتي: أما كون الحادثتين وقعتا، فهذا لا ينكره أحدٌ .. كما لا يُستغرب أن يقع القتالُ بين فئتين من المؤمنين، لأن الله تعالى أخبر بحدوث القتال بين المؤمنين، وأمر بالإصلاح بين الطائفتين المتقاتلتين، فقال تعالى: (وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما * فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله * فإن فاءَت فأصلحوا بينهما بالعدل * وأقْسطوا إنَّ الله يحبُّ المقسطين * إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم تُرحمون).
قال ابن كثير في التفسير: فسمّاهم مؤمنين مع الاقتتال، وبهذا استدلَّ البخاري وغيره، على أنه لا يُخرَجُ عن الإيمان بالمعصية وإنْ عَظُمتْ لا كما يقولُه الخوارج والمعتزلةُ.
والآيتان، إن كان لهما سبب نزول، فإن السبب، وهو: " الاقتتال بين طائفتين من المؤمنين " قد حدث في الزمن النبويّ، فإذا حصل الاقتتال والنبيّ صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم، فلا يستغرب أن يَحْدث بعد الوفاة.
وإن لم يكن للآيتين سبب نزول، فإن الله تعالى يضع لنا حكماً لما يمكن أن يقع بين المؤمنين.
وأخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن القتال سيقع بين فئتين من المسلمين في زمن الصحابة، لما روى البخاري عن أبي بكْرة قال: بينا النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ، جاءَ الحسنُ، فقال النبيّ ص: " ابني هذا سيّدٌ ولعلَّ اللَّهَ أن يُصْلحَ به بين فئتين من المسلمين " [حـ 7109]. أبو هريرة يكنّي عن بعضه ولا يصرّح. وروى البخاري (حـ 7058) عن سعيد بن عمرو بن العاص قال:…
…