كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

298…
أهل بَدْر سبعون رجلاً، فقال: كذب والله، لقد ذاكرتُ الحكم بذلك، وذاكرناه في بيته، فما وجدناه شهد صفّين من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت (وانظر ترجمته في الإصابة).
قال ابن تيمية: هذا النفي يدل على قلة مَنْ حضرها، وقد قيل: إنه حضرها سهل بن حنيف، وأبو أيّوب .. وقد روى ابن بطة عن بكير بن الأشج قال: أما إنَّ رجالاً من أهل بدْر، لزموا بيوتهم بعد قتْل عثمان، فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم.
وعندما نتتبّع فقهاء الصحابة، ورواة الحديث منهم، نجدهم قد اعتزلوا الفتنة، ولزموا بيوتهم، ومنهم مَنْ خرج من المدينة إلى الضواحي: فسعد بن أبي وقاص، يخرج إلى أرضه في قلهي، بعد مقتل الخليفة عثمان.
وَسَلَمة بن الأكوع، خرج إلى الرَّبَذة، وتزوج هناك امرأة وولدت له أولاداً وذلك بعد مقتل عثمان. [البخاري 7087].
وأبو موسى الأشعري: كان أميراً على الكوفة عند مقتل عثمان، فأقره عليٌّ عليها فلما خرج علي من المدينة، أرسل إليه أن أنهض مَنْ قبلك من المسلمين وكن من أعواني على الحقّ، فاستشار أبو موسى السائب بن مالك الأشعري فقال: اتبع ما أمرك به، قال: إني لا أرى ذلك، وأخذ في تخذيل الناس عن النهوض، فعزله عليٌّ عن الكوفة، واعتزل الحرب.
وأُسامة بن زيد بن حارثة: يُعدُّ من بني هاشم، لأنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. اعتزل الفتنة، لما روى البخاري عن حرملة مولى أُسامة قال:
" أرسلني أُسامة إلى عليّ ـ في الكوفة، وقال: إنه سيسألك الآن فيقول ما خلّف صاحبك؟ فقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأسد لأحببتُ أن أكونَ معك فيه، ولكنَّ هذا أمرٌ، لم أرَه. فلم يعطني شيئاً، فذهبت إلى حسنٍ وحسينٍ وابن جعفر، فأوقروا لي راحلتي ". وكان أُسامة أرسل حرملة إلى عليّ في…

الصفحة 298