كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
299…
العراق، يطلب شيئاً من المال .. وتوقّع أن يسأله ما الذي خلَّف صاحبك أُسامة عن الانضمام إليَّ في الحرب.
والحسنُ بن عليّ، نقل ابن كثير في تاريخه، أنه أشار على أبيه ألا يخرج من المدينة إلى العراق .. ويؤيّد هذا ما جاء في قصة الصُّلْح بين معاوية والحسن.
وكان أهل العراق قد أعدّوا جيشاً للتوجه إلى الشام، فقُتلَ الإمام علي قبل أن ينقذ، فبايعوا الحسن، فراسل معاوية في الصلح، وروى البخاريُّ أن معاوية راسله في الصلح، فقبل الحسنُ، وسواءٌ أبدأ الحسنُ بطلب الصلح، أم أبدأ معاوية، وقبل الحسن، فكلا الروايتين تدلُّ على أن الحسن لم تكن له رغبة في القتال، وتحقق فيه قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ ابني هذا لسيّدٌ ولعلَّ الله أن يُصْلحَ به بين فئتين من المسلمين " [البخاري ـ كتاب الفتن].
وأبو بكرة، نفيع بن مسروح الثقفي، من فضلاء الصحابة، وعُبَّادهم .. كان تدلّى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف ببكرة، فاشتهر بأبي بكرة، وكان من حبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأبى أن ينتسب، ويقول: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: أنا من إخوانكم في الدين، فإنْ أبى الناسُ إلا أن ينسبوني، فأنا نفيع بن مسروح [عن الاستيعاب] ...
والأحنف بن قيس، أدرك النبيّ ص، ولم يجتمع به، فعدُّوه من كبار التابعين، وهو المشهور بالحلم، وكان مأموناً ثقةً ... وللأحنف مع أبي بكرة قصة في الفتنة، يرويها البخاري عن الأحنف قال: " خرجتُ بسلاحي ليالي الفتنة، فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلتُ: أريد نُصْرةَ ابن عمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تواجه المسلمان بسَيْفيهما، فكلاهما من أهل النار. قيل: فهذا القاتلُ، فما بالُ المقتول؟ قال: إنه أراد قَتْل صاحبه " [كتاب الفتن باب 10]. قال العلماءُ: معنى كونهما في النار…