كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

30…فقالوا: اشتراها بكفًّ من نوى " والبطيخ إنما جاء إلى سوق المدينة من مزارعها التي تسقى بمياه الآبار.
وحدّثتْ عجوز من جُهينة، أدركت عمر بن الخطاب وهي جارية قالت: سمعتُ أبي وهو يقول: سمعت ُ عمر بن الخطاب وهو يُطْعم الناس زمن الرمادة يقول: نُطْعِمُ ما وَجَدْنا أن نُطْعم، فإنْ أعوزنا جعلنا مع أهل كلِّ بيت ٍ ممن يجدُ عِدَّتهم، ممن لا يجد ُ إلى أنْ يأتي اللهُ بالحيا (المطر).
وعن ابن عمر قال: قال عمر بن الخطاب: " لو لم أجد للناس من المال ما يسعهم إلا أن أُدْخِل على كلِّ أهل بيتٍ عَدَّتهم، فبقاسمونهم أنصاف بُطونهم حتى يأتي اللهُ بالحيا، فعَلْتُ، فإنّهم لن يهلكوا عن أنْصَاف بُطونهم ".
وكان أهلُ البادية قد نزحوا إلى المدينة عام الرمادة، ونزلوا بنواحيها من كلَّ جهة، لما روى ابن سعد (316/ 2) عن أسلم مولى عمر قال: لما كان عامُ الرمادة تجلّبت العرب ُ من كلِّ ناحيةٍ، فقدموا المدينة، فكان عمر بن الخطاب قد أمر رجالاً يقومون عليهم ويقسمون عليهم أطعمتهم وإدامهم، وكان كلّ ُ رجلٍ منهم على ناحية من المدينة، وكان الأعراب حلولاً فيما بين رأس الثنية (ثنية الوداع الشامية) إلى راتج، إلى بني حارثة إلى بني عبد الأشهل إلى البقيع إلى بني قريظة (يعني أحاطوا بالمدينة من الشمال والشرق والجنوب) ومنهم طائفةٌ بناحية بني سلمة (من الغرب) فهم محدقون بالمدينة.
قال: فسمعتُ عُمَرَ يقول ليلةً وقد تعشّى الناسُ عنده: أحصوا مَن ْ تعشّى عندنا، فأحصوهم من القابلة، فوجدوهم سبعة آلاف رجل وقال: أحصوا العيالات الذين لا يأتون والمرضى والصبيان، فأحصوها فوجدوهم أربعين ألفاً، ثم مكثنا ليالي، فزداد الناسُ، فأمر بهم فأحصوا فوجدوا مَنْ تعشّى عنده عشرة آلاف. والآخرين خمسين ألفاً. قال أسْلَمُ: وكانت قُدور عمر إليها العمال في السحر، يعملون الكركور حتى يصبحوا، ثم يطعمون المرضى منهم، ويعملون العصائد، وكان…

الصفحة 30