كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

32…في منازلهم ... وبعث عمرُ رجلاً إلى " الجار" بالقرب من ينبع، لتلقي الطعام الذي أرسله عمرو بن العاص من مصر .. قالوا: فحمل الطعام إلى أهل تهامة، وقال مَنْ رأى: رأيتُ رُسُل عمر بين مكة والمدينة يُطْعمون الطعام من الجار.
يريد لطعام القادم من البحر عن طريق ميناء الجار.
وقول ابن سَعْد: لما صدر الناسُ عن الحج سنة ثماني عشرة أصاب الناس جَهْدٌ شديد، وأجدبت البلاد .. الخ: معنى هذا أنَّ عام الرمادة كان سنة تسع عشرة، وهي السنة التي بدأت بعد الحج الذي ذكره ابن سعد.
وقد استشكل الأمر على ابن كثير وغيره، فقالوا إنْ فتح مصر سنة عشرين وإن قصة إرسال عمرو بن العاص الميرة إلى الحجاز فيه وَهْمٌ ... وليس الأمر كما قالوا: فقد شهد عمرو بن العاص فتح القدس في ربيع الأول سنة ست عشرة، وتوجه إلى قيساريّة وحاصرها مدَّة، ولعله حضر طاعون عمواس في الشام في بداية سنة ثماني عشرة، لأن ابن الأثير يروي في " أسد الغابة " أن عمرو بن العاص خطب الناس فقال: " إنَّ هذا الطاعون رجسٌ فتفرقوا عنه في هذه الشّعاب، وفي هذ ه الأودية " ... ويمكن أن يكون توجّه إلى مصر في هذه السنة، واستمر فتحها في هذه السنة، وفي سنة تسع عشرة، وربما بقيتْ منها أجزاء إلى سنة عشرين، وبعدها، لأنّ َ قصة إرسال الطعام إلى الحجاز من مصر، مشهورة، وأنها كانت بمناسبة عام الرمادة.
على أن إرسال الطعام ربما لا يكون في بداية الجدب والقحط، فربما كان في وسطه بعد أن استنفد عمرُ كلَّ ما عنده في بيت المال، وبعد أن تزاحم الناسُ في المدينة.
وقد قال ابن سعد وغيره أن مدة القحط دامت تسعة أشهر، وهذا يعني أن…

الصفحة 32