كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
331…
كان خدعةً، فإنها خدعة للشيطان، وليس لعليّ وأصحابه، فالشيطان كان يريد استمرار القتال.
ورفع المصاحف والقبول بالتحكيم، كان بداية إطفاء نار الفتنة، وقلل من عدد الضحايا .. ولو كانت خدعةً حربية، لظهر ذلك في أفعال أهل الشام، ولم يثبت أن أهل الشام غدروا بإخوانهم بعد قبول التحكيم.
والحقُّ أن التحكيم كانت فكرة هدى الله إليها الطرفين.
ومما يدل على حرص الطرفين على حقن الدماء، ما جاء في قصة الصلح بين معاوية والحسن، قبل أن ينشب بينهما قتال.
(د) وأما ما ذكروه من خدعة التحكيم، عند اجتماع أبي موسى وعمرو بن العاص فليس بصحيح.
وأصحُّ ما روي في قصة الحكمين، ما رواه الدارقطني بسنده إلى الحضين بن منذر، أن عمْراً عزل معاوية ـ أي: قرر أنه ليس له في الخلافة شيء ـ وأن أبا موسى قال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ .. وقد حضر اجتماع الحكمين عدد من الصحابة منهم عبد الله بن عمر، كما جاء في حديث سابق: فالأمر المتفق عليه لم يكن في خلوة ولم يكن سراً .. ويظهر أن الأحداث التي أعقبت اجتماع الحكمين حالت دون متابعة التفاوض في الأمر، فقد ثار الخوارج على عليٍّ، وانشغل بحربهم [انظر / العواصم ص 178].
4 ـ ولنفترض جدلاً، أن القتل والقتال، حصل برضا الطرفين: فإن هذا لا يضرُّ الإسلام والمسامين.
(أ) لأن الله تعبدنا، بكتاب الله وسنة نبيه ص .. وقد وصلنا كتابُ الله محفوظاً مصوناً، ووصلتنا السنة النبوية الصحيحة، وليس للفتنة تأثير فيهما.
(ب) للصحابة الذين شاركوا في الفتنة، حسناتٌ ومناقب في العهد النبويّ، وقبل نشوء الفتنة، ورواها الإثبات قبل الفتنة أيضاً، ولا يضرُّ الصحابيّ أن تكون له سيئة فيما بَعْدُ ـ إذا صح عدّها سيئة ـ فالصحابةُ بشر من البشر وقد…