كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

337…
الآثار الباقية
إنَّ أعظم أثر يَخْلُدُ للمدينة النبويّة، الاشتياق إليها، الذي سكن في قلوب أهل القرون، منذ سكنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا.
وهو حبٌّ موصول بالسند الصحيح إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لما روى البخاري عن أنس بن مالك " أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من السفر فنظَر إلى جُدُرات المدينة، أوضع راحلته، وإن كان على دابّة حرّكها من حُبِّها ".
وعن أبي حميد الساعدي قال: " أقبلنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم من تبوك حتى أشرفنا على المدينة، فقال: هذه طابة ".
ولكن الذي نريده من عنوان هذه الفقرة (التي نختم بها الكتاب) الأعلام والمشاهد الباقية التي شهدت موطئ قدم النبيّ ص، وصحابته رضي الله عنهم.
ذلك أن أكثر المعالم التي كانت في حيّز المدينة النبوية قد اندثرت، أو انطمست، لما كان ويكون في المدينة من العمران ومع ذلك بقيت آثار، لم تستطع يد التغيير أن تمحوها: وأذكر منها ما عرفتُه، مراعياً التسلسل التاريخي:
1 - مسجد قُباء: هو أول مسجد بناه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وهو أول مسجد صلى فيه بأصحابه جماعةً ظاهراً، وأول مسجد بُني لجماعة المسلمين بعامّة.
ولا أُريد من هذا القول أن أُثبت أنه المقصود بقوله تعالى: (لمسجد أُسس على التقوى) .. الآية فهذه مسألة خلافية وإذا ثبت أن المراد بالمسجد في الآية، هو المسجد النبوي الذي يوجد الآن فيه قبره الشريف، فإن ذلك لا ينفي أن يكون مسجد قباء هو أول مسجد بناه النبيّ صلى الله عليه وسلم. فكون مسجد قُباء أول…

الصفحة 338