كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

34…في غرب المدينة على مسافة ربما تكون أقل من مئة كيل إذا كانت الطريق مستقيمة، مع أنها تكون حوالي 240 كيل إذا وصلت إليها بطريق السيارات، أو الإبل، حيث تسلك الطريق الممرات السهلة وتعدل عن الجبال والممرات الوعرة، وهما مما يطيل الطريق.
ولكنَّ قوله: "تشاءَمت" لا يعني أن الجدب كان في شمال المدينة فقط، فقد عمَّ الجدبُ البادية كلها في شمال المدينة وشرقها، لما روى ابن سعد عن حوشب بن بِشْر الفزاري، عن أبيه قال: رأيتنا عام الرمادة، وحصَت السنة أموالنا، فيبقى عند العدد الكثير الشيء الذي لا ذكْر له .. فلم يبعث عمرو تلك السَّنة السُّعادة (عمال الزكاة) .. [323/ 3].
هذا وبنو فزارة كانو ا يسكنون في شرقي المدينة.
4 - إيجاد المؤسسات الماليّة التي تنظّم صرف الأموال، وترعى الناس في النوائب: ومن ذلك "تدوين الديوان".
ولعلّ عمر أخذ بمشورة الصحابة في عمل الديوان بَعْدَ عام المادة، لما روى ابن سعد أنَّ تدوين الديوان كان سنة عشرين في المحرّم [296/ 3] .. ولعله أشير علي بعمل الديوان قبل عام الرمادة، ولكنه لم يأخذ به.
لما روى ابن الجوزي في " مناقب عمر " عن نافع عن ابن عمر قال: " قدم على عمر مالٌ من العراق، فأقبل يقسمه، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، لو أبقيت من هذا المال لعدوّ إنْ حضر أو نائبة إنْ نزلت" فقال عمر: " مالك، قاتلك الله، نطق بها على لسانك شيطانٌ، كفاني اللّهُ حجتها، والله لا أغصبنَّ اليوم لغدٍ، ولكنت أعدُّ لهم كما أعدّ َ رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وقد وردت روايات في القصّة التي جعلت عُمَرَ يضع الديوان، وأشهرها قصة أبي هريرة؛ التي رواها ابن سعد في [الطبقات 300/ 3] ورواها ابن الجوزي في " مناقب عمر بن الخطاب " ص 100، مع اختلاف في مكان المال الذي كان سببا ً في وضع الديوان، كما اختلفا في المشير على عمر بوضع…

الصفحة 34