كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

340…
النبويّة ويحبُّ أن يصلي في المكان الذي صلى فيه رسول الله. وكان قد جدّد بناءه عثمان بن عفّان، ومن بَعْد جدده عمر بن عبد العزيز إبّان إمارته على المدينة (87 ـ 93 هـ) وهو أول مَنْ عمل له مئذنةً وجعل له رحبةً وأروقة.
وتتابعت التجديدات على المسجد حتى يومنا هذا مع بقائه في مكان والزيادة عليه.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده (487/ 3) عن أبي أُمامة بن سهل بن حنيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ خرج حتى يأتي هذا المسجد ـ يعني مسجد قباء ـ فيصلي فيه، كان كَعِدْل عُمْرة ".
2 - مسجد الجمعة: وقع هذا المسجد في بطن وادي رانوناء ـ هكذا كان اسم المكان يوم كان في الأرض أودية ـ شرق الطريق بين مسجد قباء والمدينة، ويكون على يمينك على بُعْد أكيالٍ قليلة من مسجد قباء.
وكانت هناك منازل بني سالم من الأنصار في صدر الإسلام .. والأخبار في صلاة النبيّ ص، في هذا المكان دون الصحيح: فقد جاء في [الطبقات 236/ 1] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من قُباء يوم الجمعة، فجمَّع في بني سالم.
وفي رواية: فلما أتى مسجد بني سالم جمَّع بمن كان معه من المسلمين، وهم مائة ويزعم مَنْ خصَّ هذا المكان باسم " مسجد الجمعة " أن هذه الصلاة، أول جمعة جمعها رسول الله بعد وصوله المدينة.
وفي هذا نظر.
فإن كانت الجمعة فرضت في مكة، ولم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصليها كان يمكن أن يصلي أول جمعة في مسجد قُباء، لأن الذي جاء في الصحيح أنه مكث في قباء بضعة عشر يوماً، ويكون في هذا العدد من الأيام يوم الجمعة.
فإن كان صلى الجمعة في بني سالم، فلن تكون الجمعة الأولى.
ويظهر أنَّ الاسم " مسجد الجمعة " جاء متأخراً، لأنهم ذكروا له ثلاثة أسماء " مسجد الجمعة " و " مسجد الوادي " و " مسجد عاتكة ".
وسواءٌ أصلى رسول الله في هذا المكان الجمعة الأولى، أو صلاة جمعة،…

الصفحة 340