كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
342…
5 - البقيع: ويقال " بقيع الغَرْقد " (مقبرة أهل المدينة) البقيع في اللغة: الموضع الذي فيه أروم الشجر من ضروب شتى.
والظاهر أنه كان يغلب على شجرة الغرقد، فأُضيف إليه. فقيل " بقيع الغرقد ". ثم حذفوا المضاف إليه، فقيل " البقيع ".
والغّرْقد: جمع، واحدته " غرقدة " وهو ضرب من شجر الشوك، يُسمّى " العوسج ".
ويصحَّفُ الاسم في كتب القدماء، لأنهم ينقلون من صحف مكتوبة، فيجعلون الباء في " البقيع " نوناً، ويخلطونه بالنقيع، بالنون.
فهذا ياقوت الحموي في آخر مادة " بقيع الغرقد " بالباء، يقول: وقال الزبير: أعلى أودية العقيق " البقيع " والزبير، لا يمكن أن يقول هذا لأنه من أهل المدينة، وله مؤلفات في تاريخها ومعالمها، وإنما قال الزبير، أعلى أودية العقيق " النقيع " بالنون.
وهو من بَعْده، وهو يبعد عن المدينة أكثر من مائة كيل.
أما المقبرة، فهي بالباء " البقيع ".
هل كان الاسم معروفاً في الجاهلية، وهل كان " بقيع الغرقد " علما ً على هذا المكان في الجاهلية، أم أصبح علماً عليه في الإسلام؟ ليس عندنا جواب قاطع على أنه كان علماً على المكان في الجاهلية، إلا ما أورده ياقوت في مادة " بقيع الغرقد " قال: قال عمرو بن النعمان البياضي يرثي قومه، وكانوا قد دخلوا حديقةً من حدائقهم في بعض حروبهم وأغلقوا بابها عليهم ثم اقتتلوا، فلم يفتح الباب حتى قتل بعضهم بعضاً فقال في ذلك:
خلت الديارُ فسدتُ غَيْرَ مُسوَّد ومن العناء تفرّدي بالسُّودَدِ
أين الذين عَهدتُهم في غبْطةٍ بين العقيق إلى بقيع الغَرْقد…