كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

61…والرواية الثانية عن وكيع بن خلف في كتاب [أخبار القضاة 104/ 1] "لما اسنخلف أبو بكر استعمل عمر على القضاء وأبا عبيدة على بيت المال، فمكث عُمَرُ سنةً لا يتقدم إليه أحد ".
وذكر الطبري في تاريخه أسماء قضاة أبي بكر وكُتّابه وعماله .. وذكر هذه القصَّة.
ونقل ابن حجر في [الفتح 121/ 13] قال: أخرج البيهقي بسند قويّ أن أبا بكر لما ولي الخلافة ولّى عمر القضاء.
وللجمع بين الروايتين: نقول: لعلَّ أبا بكر فوّض عمر في القضاء سنةً من خلافته لظاهر الرواية "فمكث عمر سنةً لا يتقدّم إليه أحد" لعلها آخر سنةٍ من خلافة أبي بكر ومَنْ قال إن أبا بكر لم يتخذ قاضياً: هذه رواية التابعين، وربما أراد التابعي "القاضي" بالصفة التي كانت عليها أيامهم، حيث كان القاضي في العصر الأموي متفرغاً للقضاء، له مجلس معروف، وكُتّابٌ يكتبون قضاياه، وله راتب .. وأما صِفَةُ مَنْ كان يُعين الخليفة في زمن أبي بكر وعمر، فقد كان يساعد الخليفة في بعض أوقاته، ولم يتفرّغ لهذا العمل.
(جـ) واختلفوا أيضاً: هل كان لعمر قاض في المدينة؟ فروى وكيع عن مالك بن أنس عن الزهري أن أبا بكر وعمر لم يكن لهما قاضٍ ... وفي رواية عن الزهري: "حتى كان في آخر زمانه ـ يعني زمان عمر، فقال ليزيد ابن أخت نمر، اكفني بعض أمور الناس، يعني صغارها.
وفي روايةٍ فكان يزيد يقضي في الدرهم ونحوه .. ويزيد هذا، هو يزيد بن سعيدٍ بن ثمامة الحضرميّ، صحابيّ.
لكن روى ابن سعد بسندٍ رجاله مقبولون عن نافع قال: استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقاً.
ولكن نافعاً لم يسنده إلى ابن عمر أو غيره من الصحابة، وأظن أن نافعاً لم يرو عن زيد بن ثابت، لأن…

الصفحة 61