كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

65…عليّ نحوه ". وروى البخاري عن أبي هريرة قال: "أتى رجلٌ رسول الله وهو في المسجد، فناداه، فقال: يا رسول الله إني زنيتُ، فأعرض عنه، فلما شهد على نقسه أربعاً قال: أبكَ جنون؟ قال: لا، قال: اذهبوا به فارجموه " ...... ونصلُ من كلِّ ما سبق إلى نتيجة تقول: إنه لم يكن في عهد عُمَرَ قاض راتب، مختص بالفصل بين الخصوم، وإنما كان الخليفة عمر، هو الذي يقوم بالقضاء وقد يُفْتى، أو يقضي غيره في الأمور الصغرى التي ليس فيها حدٌّ، وربما نسب إلى زيد بن ثابت توليه القضاء، لأنه كان من أكثر الصحابة فقهاً فيقصده الناسُ للفصل فيما يشجر بينهم.
(د) رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري، في القضاء: لقد ذاعت هذه الرسالة، وتناقلتها كتب الأدب، لصياغتها المحكمة النسج واقتبست منها كتب الفقه.
ولما لهذه الرسالة من الدلالة على المنهج المتبع في القضاء في العهد الراشدي، ولما لأسلوبها الكتابي من الأهمية في الحكم على الكتابة النثرية في النصف الأول من القرن الأول ولأنها مكتوبة في المدينة النبوية التي نؤرخ لها، لكل هذه الأسباب، أفردتها بهذا البحث، الذي يتناول الرسالة من ناحيتي السند والمتن.
وأنا لا أدعي أنني أُقدّمُ الحكم النهائي القاطع على الرسالة، وإنما ألْفِتُ نظر الباحث إلى أشياء فيها، وأُبدي حولها رأي المجتهد الذي قد يصيب، وقد يخطىء .. لأن الرسالة تستحقُّ أن يُفْرد لها تأليف، ليعطيها حقها من الدراسة.
وكنتُ قد جمعتُ تعليقاتي على هذه الرسالة، منذ أمدٍ طويل، وعندما قررت عرضها في هذا الكتاب، اطلعت على حاشية في كتاب " أخبار القضاة " لوكيع، يقول: "وقد كتب مرجليوث، أستاذ اللغة العربية في جامعة أكسفورد، فصلاً عن هذا الكتاب في مجلة الجمعية الآسيوية، شكك في نسبة هذه الرسالة…

الصفحة 65