كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

69…
في الرواية. وسوف نرى أن مواطن الاختلاف كثيرة، مع أنها مروية عن كتاب مكتوب، ولم تُنقل من الذاكرة: وإليك النصّ: "أما بَعْدُ .. (1) فإنَّ القضاءَ فريضةٌ مُحْكَمَةٌ، وسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، فافهم إذا أُدْلِيَ إليك (2)، فإنَّه لا يَنْفَعُ تَكلُّمُ بحقٍّ لا نفاذَ له.
واسِ (3) بين الاثنين في مجلِسِكَ وَوَجْهكَ.
حتى لا يطمعَ شريفٌ في حيْفِك، ولا يأيسَ وضيعٌ (وربما قال: ضَعيف) من عدْلك (4).
الفَهْمَ الفَهمَ فيما يتلجلج (5) في صدرك (وربما قال: في…
__________
(1) روايّة ابن شبّة 0" من عبد الله عمرَ أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس، سلام عليك، فإني أحمد إليك اللَّهُ الذي لا إله إلا هو، أما بعد .. ".
(2) عبارة العقد الفريد " إذا أدلى إليك الخصمُ ".وزاد بعدها في صبح الأعشى: " وأنفذ إذا تبيّنَ لك "وبها يستقيم سياق الكلام، لأنَّ قوله: فإنه لا ينفع ... لا يصح بناؤه على قوله "فافهم ... ".
(3) عبارة، العقد الفريد، وعيون الأخبار، ومقدمة ابن خلدون، والبيان والتبيين: " آس بين الناس في مجلسك ووجهك " وفي الكامل: " آس في الناس بين وجهك وعدلك ومجلسك ".
وقال المبرد في شرح " آس " قوله: آس: يقول: سوّ بينهم، وتقديره: اجعل بعضهم أُسوة بعضٍ، والتأسي من ذا، أن يرى ذو البلاء مَنْ به مثلُ بلائه فيكون قد ساواه فيه فيسكّن ذلك من وَجْده، قالت الخنساءُ:
فلولا كثرةُ الباكين حولي على إخوانهم لقتلتُ نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن أُعزّى النفسَ عنه بالتأسي
(4) عبارة البيان والتبيين: ولا يخاف ضعيف من جورك. وفي الكامل " ولا ييأس ".
(5) وهناك روايات تقول " الفهم الفهم فيما يتلجلج " أو " عندما يتلجلج في صدرك ما ليس في كتاب ولا سُنّة " أو " ما ليس فيه قرآن ولا سُنَّة " أو " ما لم يبلغك في كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ".
وفي "الكامل " تتأخر هذه الجملة ويأتي مكانها " البينة على مَنْ ادعى .. ". وقوله: " تلجلج: أي: تردد، وأصل ذلك المضغةُ والأكلةُ يرددها الرجل في فمه، فلا تزال تتردد إلى أن يُسيغها، أو يقذفها. والكلمة يرددها الرجلُ إلى أن يصلها بأُخرى، ويقال للعيي: لجلاج، وقد يكون كم الآفة تعتري اللسان. ومن الأمثال: الحقُّ أبْلَج والاطلُ لجلجٌ، أي: يتردد فيه صاحبه فلا يصيب مخرجاً.

الصفحة 69