كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

72…
للخصم (1) في مجالس القضاء، التي يوجب اللَّهُ فيها الأجر ويُحسِنُ فيها الذُّخْر (2) وَمَنْ حّسُنَتْ (3) نيْتُه وَخَلُصَتْ فيما بينه وبين الله، كفاه اللَّهُ ما بينه وبين الناس.
والصُّلحُ (4) جائز فيما بين الناس، إلا ما أحلَّ حراماً أو ما حرَّم حلالاً، ومن تزيّن (5) للناسِ بما يَعْلَمُ اللَّهُ منه غير ذلك شانَه اللَّهُ، فما ظنّكَ بثواب غير (6) الله، في عاجل دنيا، وآجل آخرة والسلام " (7).
ثالثاً ـ نَقْد السند:
ونبدأ بمن رواها من أهل الأدب، أنهم احتفلوا بها، وتهادوها وأكثروا من الثناء عليها. ولم يذكر للرسالة سنداً إلا الجاحظ .. مع أنه لم يذكر في السند، حدثنا، أو أخبرنا، أو أيّ عبارة تدل على السماع أو النقل عمن ذكرهم .. وعلى كل حال، فإن الجاحظ ليست له رواية تعتمد، ولم يجوّز أحدٌ النقل عنه حتى أهل اللغة، ضعفوه في رواية اللغة، لأنه يروي عن الثقات ما ليس من كلامهم .. …
__________
(1) رواية الجاحظ " والتنكر للخصوم في مواطن الحقّ "
(2) في المقدمة " فإن استقرار الحقّ في مواطن الحقّ، يعظم الله به الأجر ويحسن به الذكر ". ويقوله: "الذخر" ينتهي الكتاب في " نهاية الأدب".
(3) في "الكامل": "فمن صحت نيتُه، وأقبل على نفسه، كفاه الله .. ".
(4) في الكامل " والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً .. ". وقد تقدمت هذه الجملة في الكامل في أول الرسالة.
(5) رواية الجاحظ " ومن تزّين للناس بما يعلمُ الله خلافه فيه، هتك اللَّهُ ستره وأيدى فعْلَه ". وفي " الكامل ": " زمن تخلق للناس، بما يَعْلَمُ الله أنه ليس من نفسه: شَانه الله ". ورواية ابن القيم " ومن تزيم بما ليس في نفسه شانه الله ".
ورواية عيون الأخبار " ومن تزين للدنيا من غير أن يعلم الله منه شانه الله ". وفي " العقد الفريد " ينتهي الكتاب بقوله " هتك الله ستره ".
(6) قوله "غير الله" هذه رواية وكيع، والمبرد. وعند غيرهما "عندالله". وفي تاريخ المدينة لابن شبة "فما ظنك بثواب الله ".
(7) في " أعلام الموقعين " والسلام عليك ورحمة الله، ومثله في تاريخ المدينة.

الصفحة 72