كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

76…
ووجود المجهولين في السند حيناً آخر، وقد نصَّ ابن حجر في لسان الميزان، أن الوليد بن معدان تفرّد بقصة رسالة عمر إلى أبي موسى .. وهو ساقط، ولعلّ جميع مَنْ نقلها رواها عن الوليد بن معدان.
(هـ) ومهما كانت الحال، فإن السند منقطع: فجعفر بن برقان، ثقةٌ ولكن لم يسند روايته، وإدريس أبو عبد الله بن إدريس، إذا عُرف حالُه، ووثق، فإن سنده منقطع أيضاً، لأنه أخذ الكتاب، ولم يقرأه على سعيد بن أبي بردة، مع أن رواية سعيد بن أبي بردة عن جده أبي موسى منقطعة، لأنه لم يسمع منه شيئاً.
(و) وقال ابن حزم في كتابه [ملخص إبطال القياس ص 6]: " وأما الرسالة عن عمر ففيها " قس الأمور واعرف الأشباه والأمثال .. " وهذه رسالة لا تَصحُّ تفرد بها عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه، وكلاهما متروك.
ومن طريق عبد الله بن أبي سعيد، وهو مجهول. ومثلها بعيد عن عمر.
(ز) وجلُّ روايات الكتاب، تبدأ بقوله: " أما بَعْدُ، فإن القضاء .. " الخ.
وليس في الكتاب ما يَدُلُّ على أنه من عمر بن الخطاب، أو أنه مرسل إلى أبي موسى ولم يذكر الراوي خاتم عمر بن الخطاب، أو خاتم البريد، حيث بدأ ختم الرسائل منذ العهد النبوي، وبالخاتم النبوي، ختم أبو بكر وعمر وعثمان، حتى سقط منه في البئر.
نَعَمْ، يوجد في بدابة رواية ابن شبة عن الوليد بن معدان " من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس " ولكن سند ابن شبة ساقط، والرواية منقطعة فلم يذكر ابن معدان عمن أخذها.
(حـ) قول الراوي: " فرأيت في كتابٍ منها " لعلها نوع من الوَجادة، لا تتفق لها شروط الوجادة: لأن تعريف الوجادة، كما ذكرها النواوي في التقريب " أن يقف على أحاديث يخطِّ راويها، لا يرويها (أي لا يحفظها) الواجد، فله أن يقول: وجدتُ أو قرأتُ بخطِّ فلان، أو في كتابه بخطه .. ".

الصفحة 76