كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

77…
أما الرسالة التي قالوا إنها من عمر بن الخطاب إلى أبي موسى:
فإن الراوي لم يعيّن إن كان الخطُّ خط أمير المؤمنين، أو مَنْ كتبه لأمير المؤمنين في المدينة.
(ط) إن هذه الرسالة لم يروها أحد من أهل المدينة الذين شهدوا الحادثة، وما نظن أن الرسالة كانت سرّية حتى عميت على أهل المدينة.
ولم تنقل الرسالة عن واحد من أبناء أبي موسى الأشعري، ولم تنقل عن سعيد بن أبي بردة الذي كان يحوي تركة أبي موسى التي عهد بها إلى ابنه أبي بردة .. وكذلك لم يروها كتاب من كتب الحديث المعتمدة (الستّة) .. وقد تتبعت موضوعات كتاب " مفتاح كنوز السنة " الذي بوّب لأربعة عشر كتاباً من كتب السنة والسيرة، فلم أجد للرسالة موضعاً.
وتتبعت شروحات ابن حجر على صحيح البخاري وبخاصة (كتاب الأحكام) فلم يشر إلى الرسالة .. وأكثر الكتب تداولاً للرسالة، كتب الأدب (1)، وبعض الكتب التاريخية مثل تاريخ المدينة لابن شبة.
أما كتب الفقه التي اقتبست منها، أو رَوَتْها، مثل" الأحكام السلطانية " للماوردي، وكتاب " المغنى " لابن قدامة المقدسي، والأموال لأبي عبيد، وسنن البيهقي .. فإنَّ هذه الكتب قد تقتبس من أحاديث وآثار ضعيفة، في القضايا الفرعية وليست كل الآثار التي وردت في كتب الفقه صحيحة السند.
وأكثر مَنْ احتفل بكتاب عمر، ابن قيّم الجوزية في كتاب " أعلام الموقعين عن رب العالمين ".
واستغرق شرحه جزئين من هذا الكتاب (الأول والثاني) ولكن كتاب أعلام الموقعين يجمع الأحاديث والآثار الصحيحة والضعيفة، وقد…
__________
(1) قال شيخنا سعيد الأفغاني في حاشية كتاب " ملخص إبطال القياس " رسالة عمر في القضاء مشهورة تتداول على أنها مَثَلٌ يحتذي في البلاغة والإيجاز، قلّ أن يغفلها كتاب من كتب الأدب الأولى .. ثم قال: ولا شكَّ في أن القول في المتن والإسناد قول المحدثين من علماء الشريعة لا قول رواة الأدب والأخبار. ص 6.

الصفحة 77