كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

78…
يكون فيه الأحاديث والآثار الموضوعية. ففي [ص 202 من الجزء الأول] حديث إرسال معاذ إلى اليمن، وقوله لرسول الله: " أجتهد رأيي ولا آلو " وهذا الحديث مرسل أخرجه أبو داود في كتاب القضاء والترمذي في الأحكام، وكذلك أحمد.
قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه.
وقال البخاري في التاريخ: " الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة عن أصحاب معاذ، عن معاذ، روى عنه أبو عون، ولا يصح، ولا يعرف إلا بهذا مرسلاً ".
وهذا الحديث، يعدُّه أصحاب القياس شاهداً لتأييد جواز القياس في الفقه واستشهد به ابن قيّم الجوزيّة في إثبات صحة قول عمر في رسالته لأبي موسى " وقس الأمور "، مع أن الحديث غير صحيح.
قال ابن حزم: " وأما حديث معاذ، حين بعثه رسولُ الله إلى اليمن، فغير صحيح، لأنه عن الحارث بن عمرو الهذلي الثقفي ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا يدري أحدٌ مَنْ هو؟ ولا تعرف له غير هذا الحديث عن رجال من أصحاب معاذ، لا يُدري مَنْ هم، وموّه قوم فقالوا: " هذا منقول نقل التواتر " وهذا كذب لأنه لا يُعرف إلا عن أبي عون، وما احنج به أحد من المتقدمين.
وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب ": " قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي يمتصل ".
وذكر إمام الحرمين أبو المعالي الجويني أن هذا الحديث مخرج في الصحيح، ووَهِمَ في ذلك، والله المُستعان " [152/ 2].
وانظر ص 87 من الجزء الأول من [أعلام الموقّعين] حديث " هذا عِلُم لا ينفع وجهل لا يضر يريد علم النسب .. " قال ابن حجر في [الفتح 527/ 6] " قال ابن عبد البرّ في كتاب " النسب " ولعمري، لم يُنصف من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهلٌ لا يضر ".
قال ابن حجر: وهذا كلام قد رُوي مرفوعاً ولا يثبت، وروي عن عمر أيضاً ولا يثبت، بل ورد في المرفوع حديث " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ".

الصفحة 78