كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

79…
(ي) يقول ابن خلدون في المقدمة قبل أن يسوق الرسالة: " وولى ـ عُمَرَ أبا موسى الأشعري، القضاء بالكوفة، وكتب له في ذلك الكتاب المشهور " [ص 192].
وهذا خبر لا يصحَّ، فأبو موسى الأشعري لم يتول عملاً في الكوفة زمن عمر وإنما استعمله عثمان على الكوفة بعد عزل سعيد بن العاص.
ولأنَّ سنة تمصير الكوفة، سنة 17 هـ كان أبو موسى أميراً على البصرة، حيث تولاها في هذه السنة.
ولم أجد في ترجمة أبي موسى أنه انفرد بالإمارة والقضاء على البصرة، أو عُيّن قاضياً على البصرة.
فالبصرة مصّرت سنة 14 هـ، والذي مصرها عتبة بن غزوان، وهو أول أمير عليها، وتوفي في العام نفسه، وتولاها بعده المغيرة بن شعبة من 14 ـ 16 هـ وفي سنة 17 هـ تولى أبو موسى إمارة البصرة، وبقي عليها حتى وفاة عمر، واستعمله عثمانُ على البصرة قليلاً في أول خلافته ثم صرفه عنها، فسكن الكوفة: أما القضاءُ في البصرة: فكان أول قاض على البصرة إياس بن صبيح، ويكنى أبا مريم [الإصابة 117/ 1] ثم عزله عمر وولّى مكانه كعب بن سور.
ونقل ابن حجر في [الإصابة 315/ 3] قال ابن أبي حاتم: ولاه عُمرُ القضاءَ بالبصرة بعد ابن أبي مريم.
وكان ذلك سنة 18 هـ وبقى كعب بن سور على قضاء البصرة حتة قُتل في معركة الجمل.
رابعاً ـ نقد المتن:
إنَّ الشكَّ لا يتناول صحة متن الرسالة من حيث موافقتها المعمول به في الفقه الإسلامي.
فالرسالة في مجملها توافق قواعد الفقه، وإن وُجد في غيرها ما يخالفها، فهي صحيحة على مذهب من المذاهب التي يُعمَلُ بها .. ولكن الشكَّ يُحيط بنسبة الرسالة إلى عمر بن الخطاب، وكونها صادرة من المدينة إلى…

الصفحة 79