كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

80…
أبي موسى الأشعري .. ومواطن الشك في المتن متعددة، أذكر منها ما يلي: أولاً: قال الماوردي في [الأحكام السلطانية ص 72] بعد إيراده الرسالة " فإن قيل: ففي هذا العهد ـ أي قرار التعيين ـ خللٌ من وجهين: أحدهما: خلوّه من لفظ التقليد الذي تنعقد به الولاية.
والثاني: اعتباره في الشهود عدالة الظاهر.
والمعتبر فيه عدالة الباطن، بعد الكشف والمسألة.
قيل: أما خلوّة من لفظ التقليد، ففيه جوابان: أحدهما أن التقليد تقدمه لفظاً، وجعل العهد مقصوراً على الوصاية والأحكام، [ولم أعرف أين تقدم لفظاً] والثاني: أن ألفاظ العهد تتضمن معاني التقليد مثل قوله: " فافهم إذا أُدلي إليك " وكقوله: " فمن أحضر بينةً أخذت له بحقّه، وإلا استحللت القضية عليه " فصار فحوى هذه الأمر، مع شواهد الحال، مُغنياً عن لفظ التقليد.
وأما اعتباره في الشهود: عدالة الظاهر ففيه جوابان: أحدهما: أنه يجوز أن يكون ممن يرى ذلك، فذكره إخباراً عن اعتقاده فيه، لا أمراً به.
والثاني: معناه: أنهم بعد الكشف والمسألة عدول، ما لم يظهر جرح، إلا مجلوداً في حدًّ.
وسواءٌ أكان القول بوجود الخلل، افتراضاً، أم كان واقعا ً، فإنَّ ما أورده من القول بوجود خَلَلٍ قد يخطر لقارئ الرسالة.
أما القول بخلوه من " لفظ التقليد " فحاصل، وربما لا يقنع ما أورده الماوردي من الجواب .. فإن مجموع الرسالة نصائح وإرشادات وأحكام، قد تقال أبي موسى، وقد تقال لغيره، وأكثر الروات على أن الراوي وجد الرسالة مع عدد من الرسائل، وليس فيها ما ينصُّ على تولية أبي موسى القضاء، والأخبار التي وصلتنا عن تولية القضاء، فيها ما يدل على التولية صراحةً.
سواءٌ كان القضاء حاضراً أم غائباً.
فقد جاء في قصة تولية كعب بن سور قضاء البصرة، قول عمر له: " اذهب فأنت قاضٍ على أهل البصرة " [أخبار القضاة 276/ 1] والإصابة، ترجمة " كعب بن سور ".
ويفصل وكيع قصة عزل ابن أبي مريم عن قضاء البصرة، وتولية المغيرة بن…

الصفحة 80