كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

91…
مَقْتَل عُمَرْ وَقصَّةْ الشّورى وَبَيعَةُ أهْل المَدِيْنَة
(أ) مقتل عمر رضي الله عنه:
أصح ما روى في ذلك، حديث البخاري في كتاب " فضائل الصحابة " عن عمرو بن ميمون (1). قال: إني لقائم (2)، ما بيني، وبينه إلا عبد الله بن عباس، غَداة أُصيب (3) وكان إذا مرّ بين الصَّفين، قال: استوُوا، حتى إذا لم يَرَ فيهم، أي في الصفوف، تقدَّم فكبّر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناسُ، فما هو إلا أنْ كَبَّر، فسمعتُه يقول: قتلتني ـ أو أكلني ـ الكلبُ، حين طَعَنَه، فطار العِلْجُ بسكين ذاتِ طرفين، لا يمرُّ على أحدٍ يميناً ولا شمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً، ماتَ منهم سبعةٌ، فلما رأى ذلك رجلٌ من المسلمين طرح عليه بُرْنساً، فلما ظنَّ العلجُ أنه مأخوذٌ نحر نفسه، وتناول عُمَرُ يد عبد الرحمن بن عوف فقدَّمه ـ للصلاة بالناس ـ فمن يلي عمر، فقد رأى الذي رأى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرُون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله، فصلّى بهم عبد الرحمن صلاة…
__________
(1) عمر بن ميمون: من أزد اليمن، أسلم في حياة النبيّ ص، على يد معاذ بن جبل ولكنه لم يرى النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة بعد الوفاة، وتوفي سنة 76 هـ.
(2) إني لقائم: أي: في الصف ينتظر صلاة الصبح.
(3) وكان ذلك سنة ثلاث وعشرين بالاتفاق. ولعلَّ ذلك كان في بداية سنة 23هـ لأن قصة القتل كانت بعد رجوع عمر من الحج، وربما كان في أواخر سنة 23هـ، أي في الأيام الأخيرة من ذي الحجة.

الصفحة 91