كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
93…
انظر، ما عليَّ من الدَّيْن، فحسبوه، فوجدوه ستةً وثمانين ألفاً أو نحوه.
قال: إنْ وفى له مالُ آل عمر، فأدّه من أموالهم، وإلا فسلْ في بني عديّ بن كعب، فإن لم تفِ أموالهم، فسل في قريشٍ، ولا تَعْدُهم إلى غيرهم، فأدِّ عني هذا المال ... وانطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقلْ، يقرأ عليك عًمَرُ السلامَ، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لستُ اليومَ للمؤمنين أميراً، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفن مع صاحبيه .. فسلَّم ـ عبدالله بن عمر، واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدةً تبكي، فقال: يقرأ عليك عُمَرُ بنُ الخطاب السَّلامَ، ويستأذنْ أنْ يُدْفَنَ مع صاحبيه، فقالت: كنتُ أريده لنفسي، ولأوثرنّه به اليوم على نفسي، فلما أقبل، قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فاسنده رجلٌ إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تُحِبُّ يا أمير المؤمنين، أذِنَتْ، قال: الحمد لله، ما كان من شيء أهمُّ إليَّ من ذلك ... فإذا أنا قضيت فاحملوني، ثم سلمْ فقل: يستأذن عُمَرُ بن الخطاب فإن أذنتْ لي فأدخلوني وإنْ ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين ... قال: فلما قُبض خرجنا به، فانطلقنا نمشي، فسلّمَ عبد الله بن عمر، قال: يستأذنُ عمرُ بن الخطاب، قالت (عائشة) أدخلوه، فأَُدخِلَ، فوضع هنالك مع صاحبيه.
(ب) استخلافه:
قال البخاري: فقالوا: أَوْصِ يا أمير المؤمنين، استخلف. قال: ما أجدُ أحقَّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر (1) ـ أو الرهط ـ الذي توفي رسول الله وهو عنهم…
__________
(1) ذكر ستةً من العشرة المبشرين بالجنة، أما الأربعة الباقية: أبو بكر و أبو عبيدة، وقد توفيا، وعمر، وهو الموصي، وأما الرابع فهو سعيد بن زيد، واستثناه من أهل الشورى لقرابته منه، لأنه روي عن عمر قوله: " لا أرب لي في أُموركم فأرغب فيها لأحد من أهلي ".