كتاب مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن ط الراية (اسم الجزء: 2)

باب الرفادة والسقاية
قد ذكرنا في حديث زمزم، أن عبد المطلب ولي السِّقَايَةِ وَالرِّفَادَةِ، وَهَذَا قَدْ يَشْكُلُ، فَلْنَشْرَحْهُ.
كَانَ أصل السقاية: حياض من أدم توضع على زمن قصي بفناء الكعبة، ويستقى فِيهَا الْمَاءُ لِلْحَاجِّ.
وَالرِّفَادَةُ: خرجٌ كَانَتْ قُرَيْشٌ تخرجه من أموالها إلى قصي تصنع به طَعَامًا لِلْحَاجِّ يَأْكُلُهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ سَعَةٌ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ قُصَيَّ بْنَ كِلابٍ اسْتَوْلَى على الحرم، وجمع إليه بَنِي كِنَانَةَ وَقَالَ: أَرَى أَنْ تَجْتَمِعُوا فِي الْحَرَمِ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ، وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، خَرَجُوا عَنِ الحرم لا يستحلون أن يبيتوا فيه، فقالوا: هذا عظيم. فقال: والله، لا أخرج منه. فَثَبَتَ فِيهِ مَعَ قُرَيْشٍ.
فَلَمَّا جَاءَ الْمَوْسِمُ، قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إِنَّكُمْ جِيرَانُ اللَّهِ وَأَهْلُ حَرَمِهِ، وَإِنَّ الْحَاجَّ زُوَّارُ الله وأضيافه، فترافدوا واجعلوا لهم طَعَامًا وَشَرَابًا أَيَّامَ الْحَجِّ حَتَّى يَصْدُرُوا، وَلَوْ كَانَ مَالِي يَسَعُ ذَلِكَ، لَقُمْتُ بِهِ. فَفَرَضَ عليهم

الصفحة 53