كتاب درر الحكام شرح غرر الأحكام (اسم الجزء: 2)

يَدَّعِي عَلَى الْمُقِرِّ أَلْفًا بِبَيْعِ غَيْرِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَإِذَا تَحَالَفَا انْتَفَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَالْعَبْدُ سَالِمٌ لِمَنْ فِي يَدِهِ هَذَا إذَا عَيَّنَ الْقِنَّ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَ) أَيْ الْأَلْفُ (وَلَغَا إنْكَارُهُ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ مَا قَبَضْتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَصَلَ أَوْ فَصَلَ) لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بَاطِلٌ (كَقَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ لِكَوْنِهِ رُجُوعًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَقَالَا إنْ وَصَلَ صُدِّقَ وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ بَيَانُ تَغْيِيرٍ فَصَحَّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ

(وَفِي مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَرْضٍ وَهِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ لَزِمَهُ الْجَيِّدُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ أَقْرَضَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ أَوْ قَالَ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ جِيَادٌ لَزِمَهُ الْجِيَادُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ لِمَا مَرَّ وَقَالَا إنْ وَصَلَ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا لِمَا مَرَّ أَيْضًا (وَفِي مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفِي مِنْ ثَمَنٍ (إنْ ادَّعَى) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفِي مِنْ غَصْبٍ (أَحَدَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ الْأَرْبَعِ) يَعْنِي إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ (صُدِّقَ) أَيْ الْمُدَّعِي وَصَلَ أَوْ فَصَلَ إذْ لَا اخْتِصَاصَ لِلْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ بِالْجِيَادِ دُونَ الزُّيُوفِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَغْصِبُ مَا يَجِدُ وَالْمُودِعَ يُودِعُ مَا يَحْتَاجُ إلَى حِفْظِهِ فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ زُيُوفٌ تَغْيِيرًا لِأَوَّلِ كَلَامِهِ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلنَّوْعِ فَصَحَّ مَوْصُولًا وَمَفْصُولًا (إلَّا فَصْلًا فِي الْأَخِيرَيْنِ) يَعْنِي إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ إلَّا أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ فَإِنْ وَصَلَ صُدِّقَ وَإِنْ فَصَلَ لَا إذْ السَّتُّوقَةُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بِهَا التَّجَوُّزُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ لَكِنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهَا مَجَازًا فَكَانَ بَيَانَ تَغْيِيرٍ فَصَحَّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا

(قَالَ غَصَبْتُ ثَوْبًا وَجَاءَ بِمَعِيبٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إنْ لَمْ يُثْبِتْ الْخَصْمُ سَلَامَتَهُ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَقْتَضِي السَّلَامَةَ (كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا مُتَّصِلًا) لِمَا عَرَفْت أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَصِحُّ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا

(قَالَ) رَجُلٌ (لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْك أَلْفًا وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ غَصْبًا ضَمِنَ) أَيْ الْمُقِرُّ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْهُ وَهُوَ الْإِذْنُ بِالْأَخْذِ وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْكُلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ غَصَبْتنِيهِ فِي رَدِّ) قَوْلِهِ (أَعْطَيْتنِيهِ وَدِيعَةً) أَيْ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَ وَقَالَ الْمَالِكُ لَا بَلْ غَصَبْته مِنِّي لَا يَضْمَنُ الْمُقِرُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (قَالَ كَانَ هَذَا وَدِيعَةً لِي عِنْدَك فَأَخَذْتُهُ فَقَالَ هُوَ لِي أَخَذَهُ) يَعْنِي إذَا أَخَذَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ الْآخِذُ كَانَ هَذَا وَدِيعَةً لِي عِنْدَك فَأَخَذْتُهُ فَقَالَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ هُوَ لِي أَخَذَهُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لِأَنَّ الْآخِذَ أَقَرَّ بِالْيَدِ لَهُ ثُمَّ الْأَخْذِ مِنْهُ وَهُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ كَمَا بَيَّنَ وَادَّعَى اسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ عَيْنِهِ قَائِمًا أَوْ قِيمَتِهِ هَالِكًا

(صُدِّقَ مَنْ قَالَ أَجَّرْتُ فَرَسِي أَوْ ثَوْبِي) أَيْ فُلَانًا (فَرَكِبَهُ أَوْ لَبِسَهُ وَرَدَّهُ إلَيَّ) وَقَالَ فُلَانٌ كَذَبْتَ بَلْ الْفَرَسُ وَالثَّوْبُ لِي وَقَدْ أَخَذْتَهُمَا مِنِّي ظُلْمًا فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَلِلْآخَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَ أَيْ الْأَلْفُ وَلَغَا إنْكَارُهُ) أَيْ إذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي السَّبَبِ بِأَنْ قَالَ بِعْتُكَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ الثَّمَنُ بِالْإِقْرَارِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ وَقَالَا إنْ وَصَلَ صُدِّقَ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُشَبَّهَةِ وَالْمُشَبَّهَةِ بِهَا.
(قَوْلُهُ يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعِ. . . إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا وَزْنُ خَمْسَةٍ وَنَقْدُ الْبَلَدِ وَزْنُ سَبْعَةٍ حَيْثُ يَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ مِنْ ثَمَنِ دَارٍ إلَّا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ يَصِحُّ مَوْصُولًا وَمَفْصُولًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالزُّيُوفُ جَمْعُ زَيْفٍ وَهُوَ مَا يَقْبَلُهُ التُّجَّارُ وَيَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَالنَّبَهْرَجَةُ دُونَ الزُّيُوفِ فَإِنَّهَا مِمَّا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ أَيْضًا وَالسَّتُّوقَةُ أَرْدَأُ مِنْ النَّبَهْرَجَةِ

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْكُلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ) صَوَابُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَلْ أَخَذْتَهَا قَرْضًا فِي جَوَابِ قَوْلِهِ أَخَذْتُ مِنْك أَلْفًا وَدِيعَةً حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ وَعَلَى هَذَا إذَا أَقَرَّ بِأَخْذِ الثَّوْبِ وَدِيعَةً وَقَالَ الْمُقَرِّ لَهُ بَلْ أَخَذْتَهُ بَيْعًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ صُدِّقَ مَنْ قَالَ أَجَّرْتُ فَرَسِي أَوْ ثَوْبِي. . . إلَخْ) قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أُخِذَ مِنْهُ الْبَعِيرُ وَالثَّوْبُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ إنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ مَعْرُوفَةً لِلْمُقِرِّ وَلَوْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَعَزَاهُ إلَى الْأَسْرَارِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

الصفحة 366