كتاب درر الحكام شرح غرر الأحكام (اسم الجزء: 2)
(مَجْهُولَةُ النَّسَبِ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهَا) الْمُقَرُّ لَهُ (وَلَهَا زَوْجٌ وَأَوْلَادٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ (وَكَذَّبَهَا) أَيْ الزَّوْجُ (صَحَّ فِي حَقِّهَا) أَيْ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حَتَّى إذَا عَلِقَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَدٌ يَكُونُ رَقِيقًا (لَا حَقِّهِ وَحَقِّ الْأَوْلَادِ) فَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ لَا حَقِّهِ بِقَوْلِهِ (حَتَّى لَا يَبْطُلَ النِّكَاحُ) وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَحَقِّ الْأَوْلَادِ بِقَوْلِهِ (وَأَوْلَادٌ) حَصَلَتْ (قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَمَا فِي بَطْنِهَا وَقْتَهُ) أَيْ وَقْتَ الْإِقْرَارِ (أَحْرَارٌ) لِحُصُولِهِمْ قَبْلَ إقْرَارِهَا بِالرِّقِّ فَأَمَّا وَلَدٌ عَلِقَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَقِيقًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذْ حُكِمَ بِرِقِّهَا وَوَلَدُ الرَّقِيقَةِ رَقِيقٌ وَحُرٌّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ حُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ مِنْهَا فَلَا تُصَدَّقُ عَلَى إبْطَالِ هَذَا الْحَقِّ
(مَجْهُولُ النَّسَبِ حَرَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ وَصَدَّقَهُ صَحَّ فِي حَقِّهِ) حَتَّى صَارَ رَقِيقًا لَهُ (دُونَ إبْطَالِ الْعِتْقِ) حَتَّى بَقِيَ مُعْتَقُهُ حُرًّا (فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ) أَيْ الْعَبْدُ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ (يَرِثُهُ وَارِثُهُ إنْ كَانَ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ (فَالْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ يَرِثُهُ الْمُقَرُّ لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُقِرِّ وَقَدْ أَقَرَّ لِلْمُقَرِّ لَهُ (فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ ثُمَّ الْعَتِيقُ فَإِرْثُهُ لِعَصَبَةِ الْمُقِرِّ) لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ انْتَقَلَ الْوَلَاءُ إلَيْهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَيًّا
(قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ الْحَقَّ أَوْ الصِّدْقَ أَوْ الْيَقِينَ أَوْ أَنْكَرَ) أَيْ قَالَ حَقًّا أَوْ صِدْقًا أَوْ يَقِينًا (أَوْ كَرَّرَ) أَيْ قَالَ الْحَقَّ الْحَقَّ أَوْ الصِّدْقَ الصِّدْقَ أَوْ الْيَقِينَ الْيَقِينَ أَوْ حَقًّا حَقًّا أَوْ صِدْقًا صِدْقًا أَوْ يَقِينًا يَقِينًا (أَوْ قَرَنَ بِهِ الْبِرَّ) بِأَنْ قَالَ الْبِرَّ الْحَقَّ أَوْ الْحَقَّ الْبِرَّ إلَى آخِرِهِ (كَانَ إقْرَارًا) لِأَنَّهُ مِمَّا يُوصَفُ بِهِ الدَّعْوَى فَصَلَحَ لِلْجَوَابِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي التَّصْدِيقِ عُرْفًا فَكَأَنَّهُ قَالَ ادَّعَيْتُ الْحَقَّ إلَى آخِرِهِ (وَلَوْ قَالَ الْحَقُّ حَقٌّ أَوْ الصِّدْقُ صِدْقٌ أَوْ الْيَقِينُ يَقِينٌ لَا) أَيْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّهُ كَلَامٌ تَامٌّ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ
(قَالَ لِأَمَتِهِ يَا سَارِقَةُ يَا زَانِيَةُ يَا مَجْنُونَةُ يَا آبِقَةُ أَوْ قَالَ هَذِهِ السَّارِقَةُ فَعَلَتْ كَذَا وَبَاعَهَا فَوَجَدَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِهَا) أَيْ بِالْجَارِيَةِ (وَاحِدًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ (لَا تُرَدُّ) أَيْ الْأَمَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ (بِهِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَخِيرِ نِدَاءٌ، وَقَصْدُ الْمُنَادِي إعْلَامُ الْمُنَادَى وَإِحْضَارُهُ لَا تَحْقِيقُ الْوَصْفِ الَّذِي نَادَاهُ بِهِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا كَافِرَةُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَالْأَخِيرَةُ شَتِيمَةٌ (بِخِلَافِ هَذِهِ سَارِقَةٌ أَوْ هَذِهِ آبِقَةٌ أَوْ هَذِهِ زَانِيَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ) حَيْثُ تُرَدُّ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَهُوَ لِتَحْقِيقِ الْوَصْفِ.
(وَ) بِخِلَافِ (يَا طَالِقُ أَوْ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ فَعَلَتْ كَذَا) حَيْثُ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إثْبَاتِ هَذَا الْوَصْفِ شَرْعًا فَيُجْعَلُ كَلَامُهُ إيجَابًا لِيَكُونَ صَادِقًا فِيمَا تَكَلَّمَ بِهِ وَثَمَّةَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ فِيهَا وَكَانَ نِدَاءً وَشَتْمًا لَا تَحْقِيقًا وَوَصْفًا كَذَا فِي الْكَافِي
[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]
[شُرُوط الشَّهَادَة]
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) أَوْرَدَهُ عَقِيبَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الشَّهَادَةِ بَعْدَ عَدَمِ الْإِقْرَارِ فَيَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فِي الِاعْتِبَارِ (هِيَ) أَيْ الشَّهَادَةُ (إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى آخَرَ) سَوَاءٌ كَانَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقَّ غَيْرِهِ (عَنْ يَقِينٍ) أَيْ نَاشِئًا عَنْ يَقِينٍ (لَا عَنْ حُسْبَانٍ وَتَخْمِينٍ) وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَيْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي.
وَفِي الْمُحِيطِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ حَتَّى إذَا عَلِقَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَدٌ يَكُونُ رَقِيقًا) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ لَا حَقِّهِ وَحَقِّ الْأَوْلَادِ. . . إلَخْ) يُرَدُّ عَلَى كَوْنِ إقْرَارِهَا غَيْرَ صَحِيحٍ فِي حَقِّهِ انْتِقَاضُ طَلَاقِهَا لِأَنَّهُ نُقِلَ فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْمَبْسُوطِ إنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً وَهَذَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا اهـ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الزِّيَادَاتِ وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِإِقْرَارِهَا مَلَكَ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَلَوْ عَلِمَ لَا يَمْلِكُ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ لَا يَمْلِكُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قِيلَ مَا ذَكَرَ قِيَاسٌ وَمَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
وَفِي الْكَافِي آلَى وَأَقَرَّتْ قَبْلَ شَهْرَيْنِ فَهُمَا مُدَّتُهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ فَأَرْبَعَةٌ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ تَدَارَكَ مَا خَافَ فَوْتَهُ بِإِقْرَارِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَتَدَارَكْ بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّ فَوَاتَ حَقِّهِ مُضَافٌ إلَى تَقْصِيرِهِ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَارُكُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِي حَقِّهِ فَإِذَا أَقَرَّتْ بَعْدَ شَهْرٍ أَمْكَنَ لِلزَّوْجِ التَّدَارُكُ فِي شَهْرٍ بَعْدَهُ فَلَمْ يَصِرْ مُبْطِلًا حَقَّهُ وَإِذَا أَقَرَّتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّتْ يَمْلِكُ الثَّالِثَةَ وَلَوْ أَقَرَّتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ تَبِينُ بِثِنْتَيْنِ وَلَوْ مَضَتْ مِنْ عِدَّتِهَا حَيْضَتَانِ ثُمَّ أَقَرَّتْ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَوْ مَضَتْ حَيْضَةٌ ثُمَّ أَقَرَّتْ تَبِينُ بِحَيْضَتَيْنِ وَالْأَصْلُ إمْكَانُ التَّدَارُكِ وَعَدَمِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ يَرِثُهُ وَارِثُهُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ كَانَ النِّصْفُ لَهَا وَالنِّصْفُ لِلْمُقَرِّ لَهُ اهـ.
وَإِنْ جَنَى هَذَا الْعَتِيقُ سَعَى فِي جِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ يَجِبُ أَرْشُ الْعَبْدِ وَهُوَ كَالْمَمْلُوكِ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) (قَوْله هِيَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى آخَرَ) يَعْنِي بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي الْبُرْهَانِ
الصفحة 370
455