كتاب درر الحكام شرح غرر الأحكام (اسم الجزء: 2)

مَعْنَى (فَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ قُبِلَتْ) لِاتِّحَادِهِمَا مَعْنًى (كَذَا الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا)

(وَلَوْ) شَهِدَ (أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ أَوْ مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ أَوْ طَلْقَةٍ وَطَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ رُدَّتْ) لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ (كَمَا إذَا ادَّعَى غَصْبًا أَوْ قَتْلًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِهِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) حَيْثُ لَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَيْثُ تُقْبَلُ (وَقُبِلَتْ عَلَى أَلْفٍ فِي بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ) أَيْ فِي شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرِ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ (إنْ ادَّعَى) الْمُدَّعِي (الْأَكْثَرَ) وَهُوَ أَلْفٌ وَمِائَةٌ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْأَلْفِ وَتَفَرُّدِ أَحَدِهِمَا بِمِائَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَدَّعِي أَلْفًا فَقَطْ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ كَذَّبَ مَنْ شَهِدَ بِالزِّيَادَةِ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ فِي الدَّيْنِ

(وَفِي الْعَبْدِ تُقْبَلُ عَلَى الْوَاحِدِ كَمَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ لَهُ وَآخَرُ أَنَّ هَذَا لَهُ قُبِلَتْ عَلَى) الْعَبْدِ (الْوَاحِدِ) الَّذِي اتَّفَقَا فِيهِ (بِالْإِجْمَاعِ) كَذَا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الشُّرْبِ مِنْ الْمُحِيطِ (وَفِي الْعَقْدِ لَا) أَيْ لَا تُقْبَلُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى الْأَقَلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (فَلَوْ شَهِدَ) وَاحِدٌ (بِشِرَاءِ عَبْدٍ أَوْ كِتَابَتِهِ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ رُدَّتْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ السَّبَبِ وَهُوَ الْعَقْدُ فَالْبَيْعُ بِأَلْفٍ غَيْرُ الْبَيْعِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَاخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ فَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يُكَذِّبُ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ (كَذَا الْعِتْقُ بِمَالٍ وَالصُّلْحُ عَنْ قَوَدٍ وَالرَّهْنُ وَالْخُلْعُ إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (وَالْقَاتِلُ) فِي الثَّانِيَةِ (وَالرَّاهِنُ) فِي الثَّالِثَةِ (وَالْمَرْأَةُ) فِي الرَّابِعَةِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَقْصِدُونَ إثْبَاتَ الْمَالِ بَلْ إثْبَاتَ الْعَقْدِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ لِمَا عَرَفْت (وَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ) بِأَنْ قَالَ مَوْلَى الْعَبْدِ أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْعَبْدُ يَدَّعِي الْأَلْفَ أَوْ قَالَ وَلِيُّ الْقِصَاصِ صَالَحْتُكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ قُبِلَتْ) كَذَا تُقْبَلُ فِيمَا لَوْ ادَّعَتْ نِكَاحَهُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَالْآخَرُ أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَتَهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَالْآخَرُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ حَيْثُ لَا يَقْضِي بِبَيْنُونَةٍ أَصْلًا مَعَ إفَادَتِهِمَا مَعًا الْبَيْنُونَةَ وَاخْتِلَافُ اللَّفْظِ وَحْدَهُ غَيْرُ ضَائِرٍ قُلْت نَمْنَعُ التَّرَادُفَ لِأَنَّ مَعْنَى خَلِيَّةٌ لَيْسَ مَعْنَى بَرِيَّةٌ لُغَةً وَالْوُقُوعَ لَيْسَ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَعْنَى اللُّغَةِ وَلِذَا قُلْنَا إنَّ الْكِنَايَاتِ عَوَامِلُ بِحَقَائِقِهَا وَهُمَا لَفْظَانِ مُتَبَايِنَانِ لِمَعْنَيَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ غَيْرَ أَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الْمُتَبَايِنَيْنِ يَلْزَمُهُمَا لَازِمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ وُقُوعُ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُتَبَايِنَانِ قَدْ يَشْتَرِكَانِ فِي لَازِمٍ وَاحِدٍ فَاخْتِلَافُهُمَا ثَابِتٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى فَلَمَّا اخْتَلَفَ الْمَعْنَى مِنْهُمَا كَانَ دَلِيلَ اخْتِلَالِ تَحَمُّلِهِمَا فَإِنَّ هَذَا يَقُولُ مَا وَقْتُ الْبَيْنُونَةِ إلَّا بِوَصْفِهَا بِخَلِيَّةٍ وَالْآخَرُ لَمْ تَقَعْ إلَّا بِوَصْفِهَا بِبَرِيَّةٍ وَإِلَّا فَلَمْ تَقَعْ الْبَيْنُونَةُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ كَذَا الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا) هُوَ النِّحْلَةُ لِاتِّفَاقِ الْمَعْنَى وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي السَّبَبِ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِعَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَوَجْهُهُ مَا قَالَ فِي الْكَافِي إنَّ الصَّدَقَةَ إخْرَاجُ الْمَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْهِبَةِ إلَى الْعَبْدِ اهـ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي الْقَبُولُ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ فَقِيرٍ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَهُ صَدَقَةٌ

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ. . . إلَخْ) قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَقَلِّ إنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَكْثَرَ كَمَا فِي الْكَافِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى أَلْفَيْنِ فَشَهِدَ بِأَلْفٍ حَيْثُ تُقْبَلُ اتِّفَاقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا ادَّعَى غَصْبًا أَوْ قَتْلًا. . . إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ الْقَبُولِ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَقَعَ فِي الْفِعْلِ فَمُنِعَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسِّكِّينِ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَتَكَرَّرُ بِاخْتِلَافِ الْآلَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّ صِيغَةَ الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي الْإِنْشَاءِ بِعْتُ وَأَقْرَضْتُ وَفِي الْإِقْرَارِ كُنْتُ بِعْتُ وَأَقْرَضْتُ فَلَمْ يَمْنَعْ قَبُولَ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَيْثُ تُقْبَلُ) لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّطَابُقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى عَلَى وِزَانِ تَطَابُقِ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ

(قَوْلُهُ فَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ وَآخَرَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ رُدَّتْ) كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْجَامِعِ ثُمَّ قَالَ.
وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ السَّيِّدِ الْإِمَامِ الشَّهِيدِ السَّمَرْقَنْدِيِّ تُقْبَلُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْوَاحِدَ يَكُونُ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَصِيرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِأَنْ يُزَادَ فِي الثَّمَنِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الشِّرَاءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا اشْتَرَى بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَكُونُ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَكُونُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّارِحِينَ فِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَوْ جَازَ لَزِمَ الْقَضَاءُ بِبَيْعٍ بِلَا ثَمَنٍ إذْ لَمْ يَثْبُتْ أَحَدُ الثَّمَنَيْنِ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ لَا يُفِيدُ لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْخُصُومَةِ كَمَا كَانَتْ فِي الْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ الْمُدَّعَى بِهَا وَإِنَّمَا كَانَ السَّبَبُ وَسِيلَةً إلَى إثْبَاتِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ كِتَابَتِهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي الْعَبْدَ أَوْ مَوْلَاهُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ كَذَا الْعِتْقُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْكِتَابَةَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ

الصفحة 385