كتاب درر الحكام شرح غرر الأحكام (اسم الجزء: 2)

عَدْلًا إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ سَكَتَ) أَيْ الْفَرْعُ عَنْ تَعْدِيلِ الْأَصْلِ (صَحَّ نَقْلُهَا) أَيْ نَقْلُ شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

(وَعُدِلُوا) أَيْ بِتَعَرُّفِ الْقَاضِي الَّذِي يَسْمَعُ شَهَادَةَ الْفُرُوعِ عَدَالَةَ الْأُصُولِ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّزْكِيَةِ كَمَا إذَا حَضَرُوا وَشَهِدُوا فَإِنْ ثَبَتَ عَدَالَتُهُمْ حَكَمَ وَإِلَّا فَلَا (أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَتَهُ بَطَلَ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ) قَالَ فِي الْكَافِي مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَا لَنَا شَهَادَةٌ عَلَى هَذِهِ الْحَادِثَةِ وَمَاتُوا أَوْ غَابُوا ثُمَّ جَاءَ الْفُرُوعُ يَشْهَدُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ بِهَذِهِ الْحَادِثَةِ أَمَّا مَعَ حَضْرَتِهِمْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى شَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَإِنْ لَمْ يُنْكِرُوا وَهَذَا لِأَنَّ التَّحْمِيلَ شَرْطٌ وَقَدْ فَاتَ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ يَعْنِي خَبَرَ الْأَصْلِ وَخَبَرَ الْفَرْعِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ مَعْنَاهُ إذَا قَالَ شُهُودُ الْأَصْلِ لَمْ نُشْهِدْهُمْ عَلَى شَهَادَتِنَا فَمَاتُوا أَوْ غَابُوا ثُمَّ جَاءَ الْفُرُوعُ وَشَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ التَّحْمِيلَ شَرْطٌ وَلَمْ يَثْبُتْ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ خَبَرِ الْأُصُولِ وَخَبَرِ الْفُرُوعِ لِأَنَّ الْأُصُولَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا صَادِقِينَ فَلَا يَثْبُتُ التَّحْمِيلُ مَعَ الِاحْتِمَالِ أَقُولُ قَدْ وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهِ وَسَائِرُ الْمُعْتَبَرَاتِ هَكَذَا وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ مُوَافَقَةً لِمَا فِي الْكَافِي وَلَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مُغَايَرَةُ الْإِشْهَادِ لِلشَّهَادَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَفْسِيرُهَا بِهِ وَلَعَلَّ مَنْشَأَ غَلَطِهِ قَوْلُهُمْ لِأَنَّ التَّحْمِيلَ لَمْ يَثْبُتْ لِلتَّعَارُضِ فَإِنَّ مَعْنَى التَّحْمِيلِ هُوَ الْإِشْهَادُ وَخَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ التَّحْمِيلَ لَا يَثْبُتُ أَيْضًا إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الشَّهَادَةِ بَلْ هَذَا أَبْلَغُ مِنْ إنْكَارِ الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ وَهِيَ أَبْلَغُ مِنْ الصَّرِيحِ

(شَهِدَا عَنْ اثْنَيْنِ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ وَقَالَا أَخْبَرَانَا بِمَعْرِفَتِهَا وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِامْرَأَةٍ لَمْ يَعْرِفَا أَنَّهَا هِيَ قِيلَ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (هَاتِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهَا هِيَ) لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِالنِّسْبَةِ قَدْ تَحَقَّقَ بِشَهَادَتِهِمَا وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ النِّسْبَةَ لِلْحَاضِرَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهَا لِلْحَاضِرَةِ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا مَرَّ مِنْ شَهَادَةٍ قَاصِرَةٍ يُتِمُّهَا غَيْرُهُمْ (كَذَا الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَتَبَ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا مِنْ الْمَالِ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي امْرَأَةً عِنْدَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَنْسُوبَةُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهَا هِيَ الْمَنْسُوبَةُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ (وَلَوْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (فِيهِمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لِبَيَانِ النِّسْبَةِ (التَّمِيمِيَّةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَنْسُبَاهَا إلَى فَخْذِهَا) بِسُكُونِ الْخَاءِ الْقَبِيلَةُ الْخَاصَّةُ (أَوْ جَدِّهَا) إذْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْرِيفِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالنِّسْبَةِ الْعَامَّةِ وَالنِّسْبَةُ إلَى بَنِي تَمِيمٍ عَامَّةٌ إذْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ بِخِلَافِ النِّسْبَةِ إلَى الْفَخْذِ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ حَتَّى إنْ ذَكَرَهُ يَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْجَدِّ لِأَنَّهُ اسْمُ الْجَدِّ الْأَعْلَى فَقَامَ مَقَامَ الْجَدِّ الْأَدْنَى

(أَشْهَدُ) أَيْ الْأَصْلُ (عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ نَهَاهُ) أَيْ الْفَرْعُ (عَنْهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ سَكَتَ صَحَّ نَقْلُهَا وَعُدِلُوا) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَا مُحَمَّدٌ لَا تُقْبَلُ هَكَذَا ذَكَرَ الْخِلَافَ النَّاصِحِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا إذَا قَالَ الْفُرُوعُ حِينَ سَأَلَهُمْ عَنْ عَدَالَةِ الْأُصُولِ لَا نُخْبِرُك بِشَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ أَيْ الْفُرُوعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ جَرْحًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَيُسْأَلُ غَيْرُهُمَا وَلَوْ قَالَا لَا نَعْرِفُ عَدَالَتَهُمَا وَلَا عَدَمَهَا فَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَيُسْأَلُ عَنْ الْأُصُولِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقِيَ مَسْتُورًا فَيُسْأَلُ عَنْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ. . . إلَخْ)
قَالَ الْفَاضِلُ الْمَرْحُومُ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَقُولُ لَمْ يَرُدَّ الزَّيْلَعِيُّ تَفْسِيرَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ بِالْإِشْهَادِ بَلْ أَرَادَ أَنَّ مَدَارَ بُطْلَانِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى إنْكَارِ الْأَصْلِ لِلْإِشْهَادِ حَتَّى يَبْطُلَ وَلَوْ قَالَ لِي شَهَادَةٌ عَلَى هَذِهِ الْحَادِثَةِ لَكِنْ لَمْ أَشْهَدْ وَالْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِي صُورَةٍ مِنْ صُورَتَيْ إنْكَارِ الْإِشْهَادِ وَهِيَ صُورَةُ إنْكَارِ الشَّهَادَةِ رَأْسًا إذْ لَا شَكَّ فِي فَوَاتِ الْإِشْهَادِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْمَتْنِ حَصَرَ الْبُطْلَانَ بِصُورَةِ إنْكَارِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ أَنَّ التَّحْمِيلَ لَا يَثْبُتُ أَيْضًا مَعَ إنْكَارِ أَصْلِ الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ خَافِيًا عَلَيْهِ لَوْ تُوُهِّمَ عَدَمُ بُطْلَانِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ حِينَئِذٍ وَحَاشَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَإِذْ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْبُطْلَانَ يَعُمُّ صُورَةَ إنْكَارِ الشَّهَادَةِ رَأْسًا وَصُورَةَ الْإِقْرَارِ بِهَا وَإِنْكَارِ الْإِشْهَادِ تَحَقَّقْتَ أَنَّ كَوْنَ التَّرْكِيبِ أَبْلَغَ فِي الْإِنْكَارِ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ مَا قَالَهُ الْفَاضِلُ وَصُورَةُ إنْكَارِ الشَّهَادَةِ مَا قَالَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ بِأَنْ قَالُوا لَيْسَ لَنَا شَهَادَةٌ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ وَغَابُوا أَوْ مَاتُوا ثُمَّ جَاءَ الْفُرُوعُ يَشْهَدُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَوْ قَالُوا لَمْ نُشْهِدْ الْفُرُوعَ عَلَى شَهَادَتِنَا فَإِنَّ شَهَادَةَ الْفُرُوعِ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ التَّحْمِيلَ لَمْ يَثْبُتْ وَهُوَ شَرْطٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَنْسُوبَةُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ اهـ وَالْأَمْرُ لَا يَخْتَصُّ بِإِنْكَارِهَا بَلْ لَوْ أَقَرَّتْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بَلْ الْعِبْرَةُ لِمَعْرِفَةِ الشُّهُودِ إيَّاهَا حَتَّى إذَا لَمْ يَعْرِفَاهَا يُكَلَّفُ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ أَنَّهَا هِيَ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَنْسُبَاهَا إلَى فَخْذِهَا) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيَانَ الْفَخْذِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكَمَالُ بَيَانَ الْفَخْذِ وَالشُّعَبِ وَالْعِمَارَةِ وَالْقَبِيلَةِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَالْأَوْجُهُ فِي شَرْطِ التَّعْرِيفِ ذِكْرُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ غَيْرَ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا

الصفحة 390