كتاب الدر النثير والعذب النمير (اسم الجزء: 2)

وكذلك ذكر الإِمام (¬1) وأن الإِظهار أرجح (¬2) لما في الإِدغام من إذهاب التفشي والتقاء الساكنين والأول حرف صحيح.
ووجه جواز الإِدغام أن إذهاب التفشي يخلفه الصغير (¬3) وتخف الكلمة بزوال الكسرة، وهذان التعليلان إنما يصحان إذا حمل الإِدغام على ظاهره، فأما أن أخذ بمعنى الإخفاء وروم الحركة (¬4) فلا يصح التعليل بما تقدم، ولا شك أن الإخفاء أولى هربًا من التقاء الساكنين، ولما تقدم من أن الشين لا تدغم في مقاربها، ويحمل الإِدغام إن ثبت على أنه شاذ (¬5): إذ القوانين التي تقدم تقريرها إنما هي مبنية على فصيح الكلام وقد تقدم ذكر هذا.
¬__________
(¬1) قال ابن الجزري: (والوجهان صحيحان قرأت بهما وبهما آخذ). والله أعلم.
النشر جـ 1 ص 293.
(¬2) في (ت): راجح.
(¬3) في (ت) (الصفر) وهو تحريف والصواب ما في الأصل و (ز) و (س).
(¬4) قوله: (وروم الحركة) أي إختلاسها وهو هنا: الإتيان بثلثي حركة الحرف بحيث يكون المنطوق به من الحركة أكثر من المحذوف منها. واعلم بأنه إذا كان قبل الحرف الذي يدغم في غيره حرف صحيح نحو (ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا) و (شَهْرُ رَمَضَانَ) ففيه مذهبان لأهل الإهداء:
الأول: مذهب المتقدمين من أهل الأداء وهو: أن هذا الحرف يدغم في غيره إدغامًا محضًا.
الثاني: مذهب المتأخرين وهو إخفاؤه واختلاس حركته المعبر عنه بالروم. وإلى المذهبين أثار الشاطبي بقوله:
وإدغام حرف قبله صح ساكن ... عسير وبالإخفاء طبق مفصلا
والحاصل أن في (ذِي الْعَرْشِ سَبيلًا) ثلاث قراءات: الإِظهار والإِدغام المحض والإختلاس. وكلها صحيحة ثابتة مأخوذ بها. ولا عبرة بالترجيح بينها. النشر جـ 1 ص 292 - 293 - 298 - 299.
(¬5) أي: لغة وهو لا يقدح في القراءة كما مر.

الصفحة 142