كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

عَنَاهُ الدِّمْيَاطِيُّ وَنَقَلْنَاهُ عَنْهُ فِي الَّذِي مَضَى لَكِنِّي رَأَيْتُهُ كَمَا نَقَلْتُهُ أَوَّلًا بِخَطِّ الْقُطْبِ الْحَلَبِيِّ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ وَهْبٍ الْعَلَّافِ وَهُوَ وَاسِطِيٌّ أَيْضًا لَكِنْ لَيْسَتْ لَهُ رِوَايَة عَن خَالِد وَهُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ وَالْجُرَيْرِيُّ سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَوَقَعَ مُسَمًّى فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَهِيَ إِحْدَى فَوَائِدِ الْمُسْتَخْرَجَاتِ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِيمَنِ اخْتَلَطَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ سَمَاعَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُ كَانَ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ وَخَالِدٌ مِنْهُمْ لَكِنْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يزِيد بن زُرَيْع وَعبد الْأَعْلَى وبن عُلَيَّةَ وَهُمْ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ وَهِيَ إِحْدَى فَوَائِدِ الْمُسْتَخْرَجَاتِ أَيْضًا وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى أَيْضًا وَقَدْ قَالَ الْعِجْلِيُّ إِنَّهُ مِنْ أَصَحِّهِمْ سَمَاعًا مِنَ الْجُرَيْرِيِّ فَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ بِثَمَانِ سِنِينَ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ مَعَ ذَلِكَ الْجُرَيْرِيُّ بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ كَهَمْسُ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ بن بُرَيْدَةَ وَسَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ بَابٍ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا تَسْمِيَة بن بُرَيْدَةَ عَبْدَ اللَّهِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْدِيثِهِ لِلْجُرَيْرِيِّ قَوْلُهُ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ أَيْ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بَيْنَ الأذانين مَفْرُوضَة وَالْخَبَر نَاطِقٌ بِالتَّخْيِيرِ لِقَوْلِهِ لِمَنْ شَاءَ وَأَجْرَى الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ مَجْرَى الْبَيَانِ لِلْخَبَرِ لِجَزْمِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمُرَادُ وَتَوَارَدَ الشُّرَّاحُ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَاب التغليب كَقَوْلِهِم القمرين الشَّمْس وَالْقَمَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُطْلِقَ عَلَى الْإِقَامَةِ أَذَانٌ لِأَنَّهَا إِعْلَامٌ بِحُضُورِ فِعْلِ الصَّلَاةِ كَمَا أَنَّ الْأَذَانَ إِعْلَامٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ أَذَانَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ نَافِلَةٌ غَيْرُ الْمَفْرُوضَةِ قَوْلُهُ صَلَاةٌ أَيْ وَقْتُ صَلَاةٍ أَوِ الْمُرَادُ صَلَاةٌ نَافِلَةٌ أَوْ نُكِّرَتْ لِكَوْنِهَا تَتَنَاوَلُ كُلَّ عَدَدٍ نَوَاهُ الْمُصَلِّي مِنَ النَّافِلَةِ كَرَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ لِانْتِظَارِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِير قَوْلُهُ ثَلَاثًا أَيْ قَالَهَا ثَلَاثًا وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ بِلَفْظِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لِمَنْ شَاءَ إِلَّا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ مَا يُشْعِرُ بِهِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مِنْ أَنَّهُ قَيَّدَ كُلَّ مَرَّةٍ بِقَوْلِهِ لِمَنْ شَاءَ وَلِمُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ لِمَنْ شَاءَ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّابِعَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمَرَّةُ الرَّابِعَةُ أَيْ أَنَّهُ اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ لِمَنْ شَاءَ فَأَطْلَقَ عَلَيْهَا بَعْضُهُمْ رَابِعَةً بِاعْتِبَارِ مُطْلَقِ الْقَوْلِ وَبِهَذَا تُوَافِقُ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا وَكَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِمَنْ شَاءَ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ لِتَأْكِيدِ الِاسْتِحْبَابِ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ فَائِدَةُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَذَانَ لِلصَّلَاةِ يَمْنَعُ أَنْ يُفْعَلَ سِوَى الصَّلَاةِ الَّتِي أُذِّنَ لَهَا فَبَيَّنَ أَنَّ التَّطَوُّعَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ جَائِزٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ فِي الْإِقَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ

[625] قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ إِذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِ الْمَغْرِبِ قَوْلُهُ قَامَ نَاسٌ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ قَامَ كِبَارُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا تَقَدَّمَ لِلْمُؤَلِّفِ فِي أَبْوَابِ ستر الْعَوْرَة قَوْله يبتدرون أَي يَسْتَبقُونَ والسوارى جَمْعُ سَارِيَةٍ وَكَأَنَّ غَرَضَهُمْ بِالِاسْتِبَاقِ إِلَيْهَا الِاسْتِتَارُ بِهَا مِمَّنْ يَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لِكَوْنِهِمْ يُصَلُّونَ فُرَادَى قَوْلُهُ وَهُمْ كَذَلِكَ أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ فَيَجِيءُ الْغَرِيبُ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أَيِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ قَوْلُهُ شَيْءٌ التَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ كَثِيرٌ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ

الصفحة 107