كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

يُخَالِفهَا لقَوْله فكونوا فيهم وعلموهم فَإِذا حضرت فَظَاهره أَن ذَلِك بعد وصولهم إِلَى أهلهم وتعليمهم لَكِن المُصَنّف أَشَارَ إِلَى الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا فَإِن فِيهَا إِذْ أَنْتُمَا خرجتما فأذنا وَلَا تعَارض بَينهمَا أَيْضا وَبَين قَوْله فِي هَذِه التَّرْجَمَة مُؤذن وَاحِد لِأَن المُرَاد بقوله أذنا أَي من أحب مِنْكُمَا أَن يُؤذن فليؤذن وَذَلِكَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْفضل وَلَا يعْتَبر فِي الْأَذَان السن بِخِلَاف الْإِمَامَة وَهُوَ وَاضح من سِيَاق حَدِيث الْبَاب حَيْثُ قَالَ فَيُؤذن لكم أحدكُم وليؤمكم أكبركم وَاسْتدلَّ بِهَذَا على أَفضَلِيَّة الْإِمَامَة على الْأَذَان وعَلى وجوب الْأَذَان وَقد تقدم القَوْل فِيهِ فِي أَوَائِل وَبَيَان خطأ من نقل الْإِجْمَاع على عدم الْوُجُوب وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَاب إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة من أَبْوَاب الْإِمَامَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى

(قَوْلُهُ بَابُ الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِينَ)
كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلْبَاقِينَ لِلْمُسَافِرِ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ لِلْجِنْسِ قَوْلُهُ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً هُوَ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ أَذَانَ الْمُنْفَرِدِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّمَا التَّأْذِينُ لِجَيْشٍ أَوْ رَكْبٍ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ فَيُنَادَى بِالصَّلَاةِ لِيَجْتَمِعُوا لَهَا فَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ الْإِقَامَةُ وَحُكِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي بَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ وَبَالَغَ عَطَاءٌ فَقَالَ إِذَا كُنْتَ فِي سَفَرٍ فَلَمْ تُؤَذِّنْ وَلَمْ تُقِمْ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَرَى ذَلِكَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَوْ يَرَى

الصفحة 111