كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

اسْتِحْبَابَ الْإِعَادَةِ لَا وُجُوبَهَا قَوْلُهُ وَالْإِقَامَةِ بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى الْأَذَانِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي كُلِّ حَالٍ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَعَلَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ الْحَجِّ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِيهِ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ وَأَقَامَ لَمَّا جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ قَوْلُهُ وَجَمْعٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ هِيَ مُزْدَلِفَةُ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ قَوْلُهُ وَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ هُوَ بالخفض أَيْضا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي الْمَوَاقِيتِ وَفِيهِ الْبَيَانُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ هُوَ بِلَالٌ وَأَنَّهُ أذن وَأقَام فيطابق هَذِه التَّرْجَمَة

[630] قَوْله حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف هُوَ الْفِرْيَانِيُّ وَبِذَلِك صرح أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَيْضا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة لكنه مُحَمَّد بن يُوسُف البيكندي وَلَيْسَت لَهُ رِوَايَة عَن الثَّوْريّ والفريانى وَأَن كَانَ يروي أَيْضا عَن بن عُيَيْنَة لكنه إِذا أطلق سُفْيَان فَإِنَّمَا يُرِيد بِهِ الثَّوْريّ وَإِذا روى عَن بن عُيَيْنَة بَينه وَقد قدمنَا ذَلِك قَوْلُهُ أَتَى رَجُلَانِ هُمَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ رَاوِي الْحَدِيثِ وَرَفِيقُهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ سَفَرِ الِاثْنَيْنِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ تَسْمِيَة صَاحبه قَوْله فأذنا قَالَ أَبُو الْحسن بن الْقصار أَرَادَ بِهِ الْفضل وَإِلَّا فاذان الْوَاحِد يُجزئ وَكَأَنَّهُ فهم مِنْهُ أَنه أَمرهمَا أَن يؤذنا جَمِيعًا كَمَا هُوَ ظَاهر اللَّفْظ فَإِن أَرَادَ أَنَّهُمَا يؤذنان مَعًا فَلَيْسَ ذَلِك بِمُرَاد وَقد قدمنَا النَّقْل عَن السّلف بِخِلَافِهِ وَإِن أَرَادَ أَن كلا مِنْهُمَا يُؤذن على حِدة فَفِيهِ نظر فَإِن أَذَان الْوَاحِد يَكْفِي الْجَمَاعَة نعم يسْتَحبّ لكل أحد إِجَابَة الْمُؤَذّن فَالْأولى حمل الْأَمر على أَن أَحدهمَا يُؤذن وَالْآخر يُجيب وَقد تقدم لَهُ تَوْجِيه آخر فِي الْبَاب الَّذِي قبله وَأَن الْحَامِل على صرفه عَن ظَاهِرَة قَوْله فِيهِ فليؤذن لكم أحدكُم وللطبرانى من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن خَالِد الْحذاء فِي هَذَا الحَدِيث إِذا كنت مَعَ صَاحبك فَأذن وأقم وليؤمكما أكبركما واستروح الْقُرْطُبِيّ فَحمل اخْتِلَاف أَلْفَاظ الحَدِيث على تعدد الْقِصَّة وَهُوَ بعيد وَقَالَ الْكرْمَانِي قد يُطلق الْأَمر بالتثنية وبالجمع وَالْمرَاد وَاحِد كَقَوْلِه يَا حرسى اضربا عُنُقه وَقَوله قَتله بَنو تَمِيم مَعَ أَن الْقَاتِل والضارب وَاحِد قَوْله ثمَّ أقيما فِيهِ حجَّة لمن قَالَ باستحباب إِجَابَة الْمُؤَذّن بِالْإِقَامَةِ إِن حمل الْأَمر على مَا مضى وَإِلَّا فَالَّذِي يُؤذن هُوَ الَّذِي يُقيم تَنْبِيهٌ وَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ مُطَوَّلًا نَحْوَ مَا مَضَى فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي بَابِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَعَلَى ذِكْرِهِ هُنَاكَ اقْتَصَرَ بَاقِي الرُّوَاةِ

الصفحة 112