كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

وُضُوءٍ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَوْلُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ مِنْ كِتَابِ الْحَيْضِ وَأَنَّ مُسْلِمًا وَصَلَهُ وَفِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لَهُ هُنَا إِشَارَةٌ إِلَى اخْتِيَارِ قَوْلِ النَّخَعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذْكَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الطَّهَارَةِ وَلَا مِنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْخُشُوعُ الَّذِي يُنَافِيهِ الِالْتِفَاتُ وَجَعْلُ الْإِصْبَعِ فِي الْأُذُنِ وَبِهَذَا تُعْرَفُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ لِهَذِهِ الْآثَارِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَلِاخْتِلَافِ نَظَرِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا أَوْرَدَهَا بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ

[634] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْريّ قَوْله هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالْأَذَانِ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَرِوَايَةُ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَتَمُّ حَيْثُ قَالَ فَجَعَلْتُ أتتبع فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا يَمِينًا وَشِمَالًا يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَهَذَا فِيهِ تَقْيِيدٌ لِلِالْتِفَاتِ فِي الْأَذَانِ وَأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بن خُزَيْمَةَ انْحِرَافُ الْمُؤَذِّنِ عِنْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِفَمِهِ لَا بِبَدَنِهِ كُلِّهِ قَالَ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ الِانْحِرَافُ بِالْفَمِ بِانْحِرَافِ الْوَجْهِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ أَيْضًا بِلَفْظٍ فَجَعَلَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ هَكَذَا وَيُحْرِفُ رَأْسَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَتَانِ إِحْدَاهُمَا الِاسْتِدَارَةُ وَالْأُخْرَى وَضْعُ الْإِصْبَعِ فِي الْأُذُنِ وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ وَيُتْبِعُ فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ فَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَدُورُ فَهُوَ مُدْرَجٌ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَوْنٍ بَيَّنَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ بِلَالًا أذن فأتبع فَاه هَا هُنَا وَهَهُنَا وَالْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا قَالَ سُفْيَانُ كَانَ حجاج يَعْنِي بن أَرْطَأَةَ يَذْكُرُ لَنَا عَنْ عَوْنٍ أَنَّهُ قَالَ فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ فَلَمَّا لَقِينَا عَوْنًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الِاسْتِدَارَةَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ عَنْ سُفْيَانَ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ حَجَّاجًا وَهُوَ مَشْهُور عَن حجاج أخرجه بن ماجة وَسَعِيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ بَلْ وَافَقَهُ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ وَمُحَمَّدٌ الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَوْنٍ لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ ضُعَفَاءُ وَقَدْ خَالَفَهُمْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ أَوْ أَمْثَلُ وَهُوَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ فَرَوَاهُ عَنْ عَوْنٍ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَسْتَدِرْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ الِاسْتِدَارَةَ عَنَى اسْتِدَارَةَ الرَّأْسِ وَمَنْ نَفَاهَا عَنَى اسْتِدَارَةَ الْجَسَدِ كُلِّهِ وَمَشى بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَاسْتَدَلَّ بِهِ على جَوَاز الاستدارة بِالْبدنِ كُله قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِدَارَةِ الْمُؤَذِّنِينَ لِلْإِسْمَاعِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَسْتَدِيرُ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ أَوْ بِوَجْهِهِ فَقَطْ وَقَدَمَاهُ قَارَّتَانِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَسْتَدِيرُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مَرَّةً وَفِي الثَّانِيَتَيْنِ مَرَّةً أَوْ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ عَنْ شِمَالِهِ وَكَذَا فِي الْأُخْرَى قَالَ وَرَجَّحَ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَكُونُ لِكُلِّ جِهَةٍ نَصِيبٌ مِنْهُمَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ وَفِي الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ لَا يَدُورُ إِلَّا إِنْ كَانَ عَلَى مَنَارَةٍ يَقْصِدُ إِسْمَاعَ أَهْلِ الْجِهَتَيْنِ وَأَمَّا وَضْعُ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ فَقَدْ رَوَاهُ مُؤَمَّلٌ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَلَهُ شَوَاهِدُ ذَكَرْتُهَا فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ مِنْ أَصَحِّهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَّامٍ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْهَوْزَنِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْتُ لِبِلَالٍ كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ بِلَالٌ فَجَعَلْتُ إِصْبَعِي فِي أُذُنِي فَأَذَّنْتُ وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ الْقَرَظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ بِلَال

الصفحة 115