كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

ثَانِيهِمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْمُؤَذِّنِ لِيَعْرِفَ مَنْ رَآهُ عَلَى بُعْدٍ أَوْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ يَدَهُ فَوْقَ أُذُنِهِ حَسْبُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ يُدْخِلَ الْمُؤَذِّنُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ قَالَ وَاسْتَحَبَّهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا تَنْبِيهٌ لَمْ يَرِدْ تَعْيِينُ الْإِصْبَعِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ وَضْعُهَا وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا الْمُسَبِّحَةُ وَإِطْلَاقُ الْإِصْبَعِ مَجَازٌ عَنِ الْأُنْمُلَةِ تَنْبِيهٌ آخَرُ وَقَعَ فِي الْمُغْنِي لِلْمُوَفَّقِ نِسْبَةُ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ بِلَفْظٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلَى تَخْرِيجِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَهُوَ وَهَمٌ وَسَاقَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَمَا أَجَادَ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُمَا مُتَوَافِقَتَانِ وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنَ الْإِدْرَاجِ وَسَلَامَةَ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ ذَلِك وَالله الْمُسْتَعَان

(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ)
أَيْ هَل يكره أم لَا قَوْله وَكره بن سِيرِين الخ وَصله بن أبي شيبَة عَن أَزْهَر عَن بن عون قَالَ كَانَ مُحَمَّد يَعْنِي بن سِيرِينَ يَكْرَهُ فَذَكَرَهُ قَوْلُهُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَأَصَحُّ خَبَرُهُ وَهَذَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ رَادًّا عَلَى بن سِيرِينَ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَ لَفْظَ الْفَوات فَدلَّ على الْجَوَاز وبن سِيرِينَ مَعَ كَوْنِهِ كَرِهَهُ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ قَالَ وَلْيَقُلْ لَمْ نُدْرِكْ وَهَذَا مُحَصِّلُ مَعْنَى الْفَوَاتِ لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ نُدْرِكْ فِيهِ نِسْبَةُ عَدَمِ الْإِدْرَاكِ إِلَيْهِ بِخِلَافِ فاتتنا فَلَعَلَّ ذَلِك هُوَ الَّذِي لحظه بن سِيرِينَ وَقَوْلُهُ أَصَحُّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قَول بن سِيرِينَ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِثُبُوتِ النَّصِّ بِخِلَافِهِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي قِصَّةِ نَوْمِهِمْ عَنِ الصَّلَاةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله فاتتنا الصلاةولم يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْقِعُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ أَبْوَابِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ أَنَّ الْمَرْءَ عِنْدَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُدْرِكَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ لَا يُدْرِكَ شَيْئًا فَاحْتِيجَ إِلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ الْفَوَاتِ وَكَيْفِيَّةِ الْإِتْيَانِ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ عِنْدَ فَوَاتِ الْبَعْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

[635] قَوْلُهُ شَيبَان هُوَ بن عبد الرَّحْمَن وَيحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ التَّصْرِيحُ بِإِخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ لَهُ بِهِ وَبِإِخْبَارِ أَبِي قَتَادَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ قَوْلُهُ جَلَبَةَ الرِّجَالِ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ جَلَبَةُ رِجَالٍ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَهُمَا لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَقَدْ سُمِّيَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرَةَ فِيمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنهُ نَحوه فِي نَحْو هَذِه الْقِصَّة وجلبة بِجِيمٍ وَلَامٍ وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَاتٍ أَيْ أَصْوَاتَهُمْ حَالَ حَرَكَتِهِمْ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْتِفَاتَ خَاطِرِ الْمُصَلِّي إِلَى الْأَمْرِ الْحَادِثِ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ وَسَنَذْكُرُ الْكَلَامَ عَلَى الْمَتْنِ فِي الْبَابِ الَّذِي بعده

الصفحة 116