كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)

(قَوْلُهُ بَابٌ لَا يَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ إِلَخْ)
سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ السَّرَخْسِيِّ وَثُبُوتُهَا أَصْوَبُ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَقَالَهُ أَبُو قَتَادَةَ لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي التَّرْجَمَةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَادَ الضَّمِيرُ إِلَى الْمَتْنِ السَّابِقِ فَيَكُونُ ذِكْرُ أَبِي قَتَادَةَ تَكْرَارًا بِلَا فَائِدَةٍ لِأَنَّهُ سَاقَهُ عَنْهُ

[636] قَوْلُهُ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي قبله وَهُوَ آدم عَن بن أبي ذِئْب عَنهُ أَي أَن بن أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ شَيْخَيْنِ حَدَّثَاهُ بِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ جَمَعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ عَنْ آدَمَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ وَكَانَ رُبَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَمَّا التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَحْدَهُ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَحْدَهُ قَالَ وَقَوْلُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَصَحُّ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهَذَا عَمَلٌ صَحِيحٌ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَ بِهِ عَنْهُمَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَحْدَهُ فَتَرَجَّحَ مَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُهُ إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ هُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لِأَنَّ الْمُسْرِعَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يَتَرَجَّى إِدْرَاكَ فَضِيلَةِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ نَهَى عَنِ الْإِسْرَاعِ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ جَاءَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِسْرَاعِ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ إِدْرَاكُ الصَّلَاةِ كُلِّهَا فَيَنْهَى عَنِ الْإِسْرَاعِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَقَدْ لَحَظَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مَعْنًى غَيْرَ هَذَا فَقَالَ الْحِكْمَةُ فِي التَّقْيِيدِ بِالْإِقَامَةِ أَنَّ الْمُسْرِعَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يَصِلُ إِلَيْهَا وَقَدِ انْبَهَرَ فَيَقْرَأُ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ تَمَامُ الْخُشُوعِ فِي التَّرْتِيلِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ جَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ قَدْ لَا تُقَامُ فِيهِ حَتَّى يَسْتَرِيحَ انْتَهَى وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْإِسْرَاعُ لِمَنْ جَاءَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ قَوْلِهِ إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي بِالْإِقَامَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَامِلُ فِي الْغَالِبِ عَلَى الْإِسْرَاعِ قَوْلُهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ بِغَيْرِ بَاءٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ وَضَبَطَهَا الْقُرْطُبِيُّ شَارِحُهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَضَبَطَهَا النَّوَوِيُّ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهَا جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ دُخُولَ الْبَاءِ قَالَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَلَيْكُم أَنفسكُم وَفِيهِ نَظَرٌ لِثُبُوتِ زِيَادَةِ الْبَاءِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَحَدِيثِ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ وَحَدِيثِ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ وَحَدِيثِ فَعَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ قَالَهُ لِأَبِي طَلْحَةَ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ وَحَدِيثِ عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ قَالَتْهُ عَائِشَةُ

الصفحة 117