كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 2)
وَحْدَهُ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ وَسِيَاقُهُ أَوْضَحُ وَلَفْظُهُ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ قَوْلُهُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً قَالَ التِّرْمِذِيُّ عَامَّةُ مَنْ رَوَاهُ قَالُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَّا بن عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ قُلْتُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ لَكِنَّ الْعُمَرِيَّ ضَعِيفٌ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَصْحَابِ نَافِعٍ وَإِنْ كَانَ رَاوِيهَا ثِقَةً وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ فَلَيْسَتْ مُغَايِرَةٌ لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظِ لِصِدْقِ الْبِضْعِ عَلَى السَّبْعِ وَأَمَّا غير بن عُمَرَ فَصَحَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي هَذَا الْبَاب وَعَن بن مَسْعُود عِنْد أَحْمد وبن خُزَيْمَة وَعَن أبي بن كَعْب عِنْد بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ وَعَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ عِنْدَ السَّرَّاجِ وَوَرَدَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ عَنْ مُعَاذٍ وَصُهَيْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَكُلُّهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى خمس وَعِشْرِينَ سِوَى رِوَايَةِ أُبَيٍّ فَقَالَ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ عَلَى الشَّكِّ وَسِوَى رِوَايَةٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ فِيهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَفِي إِسْنَادِهَا شَرِيكٌ الْقَاضِي وَفِي حِفْظِهِ ضَعْفٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ بِضْعًا وَعِشْرِينَ وَلَيْسَتْ مُغَايِرَةً أَيْضًا لِصِدْقِ الْبِضْعِ عَلَى الْخَمْسِ فَرَجَعَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِلَى الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ إِذْ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا أَرْجَحُ فَقِيلَ رِوَايَةُ الْخَمْسِ لِكَثْرَةِ رُوَاتِهَا وَقِيلَ رِوَايَةُ السَّبْعِ لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ عَدْلٍ حَافِظٍ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ مُمَيِّزُ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَفِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ دَرَجَةً أَوْ حَذْفُ الْمُمَيِّزِ إِلَّا طُرُقَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِي بَعْضِهَا ضِعْفًا وَفِي بَعْضِهَا جُزْءًا وَفِي بَعْضِهَا دَرَجَةً وَفِي بَعْضِهَا صَلَاةً وَوَقَعَ هَذَا الْأَخِيرُ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَنَسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ التَّفَنُّنِ فِي الْعبارَة وَأما قَول بن الْأَثِيرِ إِنَّمَا قَالَ دَرَجَةً وَلَمْ يَقُلْ جُزْءًا وَلَا نَصِيبًا وَلَا حَظًّا وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ فَإِن تِلْكَ فَوْقَ هَذِهِ بِكَذَا وَكَذَا دَرَجَةً لِأَنَّ الدَّرَجَاتِ إِلَى جِهَةِ فَوْقُ فَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ لَفْظُ دَرَجَةٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ لَكِنْ نَفْيُهُ وُرُودَ الْجُزْءِ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ الضِّعْفُ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ رِوَايَتَيِ الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ ذِكْرَ الْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَكِنْ قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَحُكِيَ عَنْ نَصِّهِ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِالْخَمْسِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ فَأَخْبَرَ بِالسَّبْعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى التَّارِيخِ وَبِأَنَّ دُخُولَ النَّسْخِ فِي الْفَضَائِلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَكِنْ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَنْعِ تَعَيَّنَ تَقَدُّمُ الْخَمْسِ عَلَى السَّبْعِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْفَضْلَ مِنَ اللَّهِ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ لَا النَّقْصَ ثَالِثُهَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْعَدَدَيْنِ بِاخْتِلَافِ مُمَيِّزِهِمَا وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ الدَّرَجَةُ أَصْغَرُ مِنَ الْجُزْءِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ الْجُزْءُ رُوِيَ عَنْهُ الدَّرَجَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْجُزْءُ فِي الدُّنْيَا وَالدَّرَجَةُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغَايُرِ رَابِعُهَا الْفَرْقُ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ خَامِسُهَا الْفَرْقُ بِحَالِ الْمُصَلِّي كَأَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ أَوْ أَخْشَعَ سَادِسُهَا الْفَرْقُ بِإِيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ سَابِعُهَا الْفَرْقُ بِالْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ ثَامِنُهَا الْفَرْقُ بِإِدْرَاكِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا تَاسِعُهَا الْفَرْقُ بِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ وَقِلَّتِهِمْ عَاشِرُهَا السَّبْعُ مُخْتَصَّةٌ بِالْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَقِيلَ بِالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَالْخَمْسُ بِمَا عَدَا ذَلِكَ حَادِي عَشَرَهَا السَّبْعُ مُخْتَصَّةٌ بِالْجَهْرِيَّةِ وَالْخَمْسُ بِالسِّرِّيَّةِ وَهَذَا الْوَجْهُ عِنْدِي أَوْجَهُهَا لِمَا سَأُبَيِّنُهُ ثُمَّ إِنَّ الْحِكْمَةَ فِي هَذَا الْعَدَدِ الْخَاصِّ غَيْرُ مُحَقَّقَةِ الْمَعْنَى وَنَقَلَ الطِّيبِيُّ عَنِ التُّورِبِشْتِيِّ مَا حَاصِلُهُ إِنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ بَلْ مَرْجِعُهُ إِلَى عِلْمِ
الصفحة 132